ونوى أن يكون أضحية أو هدياً، وإن لم يوجد النطق؛ احتجاجاً بأنه- عليه السلام- "كان إذا بعث الهدي قلده وأشعره"، ولم يثبت أنه كان يقول:"هذه أضحيتي".
واختلف الأصحاب - تفريعاً على القديم-:
فقال الإصطخري بإجراء اللفظ على ظاهره.
وقال غيره: تصير هدياً وأضحية بالنية والذبح.
وقال ابن سريج: تصير هدياً وأضحية بالنية والذبح.
وقال ابن سريج: تصير هدياً وأضحية بمجرد النية؛ فلأجل هذا [قلنا] يشبه أن يكون القول بصحة النذر بمجرد النية من تخريج ابن سريج؛ لأنه لا فرق؛ ويؤيده أن الأصحاب جعلوا المذهب فيما إذا لم يعلق النذر على شيء الصحة؛ لأن الشافعي نص على أنه إذا قال:"لله علي أن أضحي" أنه يصح؛ فدل على أنه لا فرق؛ ومن هذا يظهر لك أن التخريج من القديم، والصحيح هو الجديد.
وأجاب الأصحاب بأن قوله- عليه السلام-: "وإنما لكل امرئ ما نوى" يقتضي أن يكون ما نواه له لا عليه، ولو جعلناه بمجرد النية ملتزماً، لكان عليه لا له؛ فيكون بخلاف الخبر، وسوقه- عليه السلام-[الهدي] يحتمل أنه كان تطوعاً، أو عن قضاء، وبتقدير أن يكون عن نذر، فلعله تلفظ، ولم ينقل، وقد ذكرت طرفاً من ذلك في باب الأضحية؛ فليطلب منه.
قال: ومن علق النذر على أمر يطلبه، أي: من الله تعالى: كشفاء المريض، وقدوم الغائب، أي: مثل أن قال: "إن شفى الله مريضي" أو: "قدم غائبي، فلله عليه أن أتصدق بكذا"، أو:"أن أحج"، ونحو ذلك- لزمه الوفاء به عند وجود الشرط؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١]{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}[النحل: ٩١]، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٥ - ٧٧] وهه الآية نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري؛ لأنه كان له مال بالشام خاف هلاكه، فنذر إن وصل إليه أن يتصدق منه، فلما قدم بخل به؛ كذا قاله الكلبي.