للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: إن سبب نزولها فيه: أن مولى لعمر- وقيل: حميماً له- نذر: إن وصل إليه الدية أن يخرج حق الله تعالى منها، فلما وصلت إليه، بخل بحق الله تعالى، فلما بلغ ثعلبة ما نزل فيه، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأله أن يقبل صدقته، فقال: "إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك"، فحثا التراب على رأسه، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبض منه شيئاً، ثم أتى بعده أبا بكر، فلم يقبلها منه، ثم أتى عمر، فلم يقبلها منه، ثم أتى بعده عثمان- قال الماوردي-: فلم يقبلها منه، ومات فيأيامه.

وهذا من أشد وعيد وأعظم زجر في نقض العهود ومنع النذور، ويدل عليه من جهة السنة مع ما ذكرناه في صدر الباب: ما روى أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عباس أن امرأة ركبت البحر، فنذرت إن نجاها الله- تعالى- أن تصوتم شهراً، فنجاها الله، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت ابنتها- أو أختها- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تصوم عنها.

ومن هذا النوع ما إذا علق النذر على حصول مال له، أو ولد؛ لاشتراكهما في طلب مباح، وطرده القاضي الحسين في كل مباح.

قال الإمام في كتاب الأيمان: وكان شيخه يخصص النذر بما يظهر كونه مقصوداً، وحصوله على ندور، وقد وافقه طائفة من الأصحاب.

وحاصل الطريقة: أن التبرر لا يتحقق في النعم المعتادة، كما أنا لا نستحب سجود الشكر لها وإن كانت نعماً، وما ذكره القاضي أفقه، وأوقع، والمعتبر في سجود الشكر التعبد، ومن طريق الأولى إذا علقه على حصول طاعة، مثل أن يقول: "إن كفاني الله ظفر أعدائي بي"، أو: "رفع عني ما يقطعني عن الصلاة والصيام"، أو: "إن رزقني الله عز وجل الحج" أو: "فتح على يدي بلاد أعدائه"- فله علي كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>