والجمهور على أنه يجب غسل ما يبدو في حال قعودها لقضاء الحاجة، دون ما
جاوزه، وذلك يختلف باختلاف البكر والثيب، وهو مشبه في حق الثيب بما بين
الأصابع، كما حكاه الماوردي، عن الشافعي.
ومنهم من قال: يجب ذلك في حق الثيب، في الغسل من الحيض والنفاس
خاصة؛ لإزالة الدم.
وقال في "التتمة": إنه يجب عليها ذلك في الغسل من الحيض والنفاس. وهل
يجب في الجنابة؟ إن قلنا: رطوبة فرجها نجسة، فلا يجب؛ وإلا فوجهان.
ولفظ القاضي الحسين: "أنه: هل [يجب] إدخال الماء والأصبع في الفرج؟ فيه
أوجه: أحدها: يجب؛ لأنه صار في حكم الظاهر.
الثاني: لا؛ لأنه يزيده فساداً.
الثالث: يجب ذلك في الغسل من الحيض، دون الجنابة؛ لأنها نجاسة عينية،
بخلاف الجنابة.
وقال القفال: ما يبدو منها عند القعدة، يجب إيصال الماء إليه.
وهذا من القاضي يفهم أن الخلاف الأول جار فيما وراء ما يبدو عند القعد، وقد
تقدم مثله وجهاً في الاستنجاء.
قال: وسننه الوضوء.
أما مشروعيته؛ فلما ذكرناه، وأما كونه غير واجب؛ فلقوله تعالى: {وإن كنتم
جنباً فأطهروا} [المائدة: ٦] وإذا اغتسل من غير أن يتوضأ يقال له: متطهر،
ومغتسل، وخبر أم سلمة السالف يدل على ذلك.
وقد ذهب أبو ثور إلى وجوبه؛ لقوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلوة ...} إلى أن
قال: {وإن كنتم جنباً فأطهروا} [المائدة:٦]، وليس جنب إلا وهو محدث؛
فوجب الجمع بينهما. ولأنه - عليه السلام - فعله، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج
مخرج البيان لمجمل واجب في القرآن، كان واجباً.
ترى إلى قوله تعالى-: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: ٢٢٨]، ثم