قال: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: ٤] ولا يلزم الجمع بينهما.
ولا نسلم أن [كل جنب] محدث، وإن سلمنا أن كل جنب محدث، قلنا: هما
عبادتان من جنس واحد، فإذا اجتمعتا دخلت الصغرى في الكبرى كالحج والعمرة.
وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم - بما ذكرناه - محمول على الاستحباب.
قال: والدلك: أما مشروعيته؛ فلما سلف، وأما كونه سنة؛ فلأنه يسمى مغتسلاً
بدونه، يقال: غسل السيل الوادي، وإن فقد الدلك. ويسمى السيل الكثير: غاسولاً،
وخبر أم سلمة السالف يدل عليه.
ولأنه غسل واجب؛ فلم يجب فيه إمرار اليد؛ كما في غسل الإناء من ولوغ الكلب.
وقد أوجب المزني دلك ما وصلت إليه يده من بدنه في الغسل، وعلى أعضاء
الوضوء في الوضوء؛ قياساً على التيمم؛ فإنه يجب إمرار اليد فيه بالتراب على الأعضاء.
والأصحاب قالوا: الواجب إمرار التراب عليها.
نعم، لو لم يحصل إلا بإمرار اليد وجب؛ لأجل ذلك، والماء يصل بدون اليد.
قال: والتكرار؛ كما في الوضوء.
فإن قلت: ما ذكرتم من الخبر لا يدل على تكرار غسل البدن، وتكرار إفاضة الماء
على رأسها باليد ثلاثاً؛ لتحقق وصول الماء إلى شعرها وبشرتها؛ وكذلك علق الكفاية
عليه في خبر أم سلمة.
والقياس على الوضوء ممتنع؛ لأن الوضوء يستحب تجديده، بلا خلاف، وفي
استحباب تجديد الغسل وجهان، أصحهما: لا؛ وذلك يدل على الفرق [بينهما.
قلت:] ولأجل هذا الخيال احتاج الشيخ إلى ذكره، وإن كان في قوله:
"الواجب من ذلك النية، وإيصال الماء إلى الشعر والبشرة" غنية عنه.
قال: والمستحب ألا ينقص الماء في الغسل عن صاع، ولا في الوضوء عن مد؛
اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا من الشيخ يغني عن التوجيه، وما استدل به رواه مسلم، فقال: "كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع". زاد البخاري: "إلى خمسة أمداد".