أحدها: قال في "البحر": إن بعض أصحابنا قال: لو ابتدأ في هذه السنة التي ذكرناها من المحرم إلى المحرم، يقال: صام سنة، فالقياس: ألا يلزمه قضاء هذه الأيام، وإن كان ظاهر المذهب بخلافه؛ وهذا ما حكاه الإمام عن الصيدلاني [و] قال: إنه زلل وغفلة.
وفي الرافعي- حكاية عنه- أنه قال: إذا صام من المحرم إلى المحرم، أو من آخر شهر إلى مثله- خرج عن نذره لأنه يقال: إنه صام سنة، ولا يلزمه قضاء رمضان وأيام الفطر.
وعن ابن القطان: أنه إنما يخرج عن النذر بصوم ثلاثمائة وستين يوماً؛ لأن السنة تنكسر- لا محالة- بسبب رمضان وأيام الفطر، وإذا انكسرت، وجب أن يعتبر العدد؛ كما في الشهر إذا انكسر.
وعلى كل حال فلا يلزم التتابع في صومها إلا أن يشترطه، فإذا اشترطه، فقال:"لله علي صوم سنة متتابعة"، لزمه، ولا يسقط عنه بدل أيام العيد والتشريق ورمضان [وأيام الحيض، بل يأتي به.
وقال القاضي أبو الطيب: هذا عندي غلط، ولا يجب قضاء أيام العيد والتشريق ورمضان]؛ لأنه لا يمكنه أن يصوم سنة متتابعة لا يتخللها ذلك؛ فيكون بمنزلة السنة المعينة؛ وهذا حكاه المتولي مع الأول وجهين، وجعل أظهرهما ما ذكره القاضي.
لكن المنصوص، والذي عليه أكثر الأصحاب مقابله؛ لأنه التزم صوم سنة، ولم يصم عما التزم سنة، ويخالف ما إذا كانت السنة معينة؛ لأن المعين في العقد لا يبدل بغيره، والمطلق إذا عيب قد يبدل، وشبه ذلك بأن المبيع إذا خرج معيباً لا يبدل، والمسلم فيه إذا سلمه فخرج معيباً، يبدل.
ولو شرط التفريق، فيجوز له التفريق.
وفي إجزاء صومها متتابعاً وجهان، في "الحاوي" وغيره.
وقال الإمام: إنهما ينبنيان على اختلاف القول في أن التفريق في صوم التمتع بين الثلاثة والسبعة هل يجب إذا فاتت الثلاثة؟
ثم قال: والأولى عندنا تقريب الوجهين من الوجهين في أن الأوقات: هل تتعين