فإن قلنا: تتعي، لم يبعد حمل استحقاق التفريق عليه؛ كما لو قال:"لله علي صوم الأثانين"؛ فإنه يصومها على صفة التفريق؛ وهذا تكلف؛ فإن الذي يعين الأوقات مجرد قصده إلى معين، والذي يذكر التفريق، ليس تعين الأزمنة في باله وقصده؛ وللك كان الأصح أن التفريق لا يلزم، والأصح أن الأوقات تتعين إذا عينت.
والذي اختاره ابن كج والبغوي وغيرهما وجوب التفريق، وقالوا: لو نذر صوم عشرة أيام متفرقة فصامها متتابعة، حُسِبَ له منها خمسة أيام.
ولو شرط صوم هذه السنة، لم يتناول نذره إلا السنة الشرعية، وهي من المحرم إلى المحرم، فإن كان قد مضى منها شيء، لم يلزمه غير صوم الباقي، فإن كان فيه رمضان، لم يلزمه قضاؤه عن النذر، وكذا أيام العيد والتشريق، وكان فيقضاء أيام الحيض والمرض والسفر ما ذكرناه في نذر صوم سنة معينة، والله أعلم.
قال: وإن نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان، لم يصح نذره في أحد القولين؛ لتعذر الوفاء به؛ لأنه إن قدم ليلاً فهو إنما نذر صوم اليوم، وإن كان قد أراد باليوم الوقت، فالليل لا يقبل الصوم، وإن قدم نهاراً فالنية لم توجد من الليل، ولا تجزئه نية من النهار؛ لخلو بعضه عنها.
وأيضاً: فإن نذره تضمن نذر صوم زمان ماضٍ، وهو ما قبل القدوم، ونذر صوم ما مضى من الزمان لا يصح.
دليله: ما لو قال: "لله علي صوم أمس اليوم الذي يقدم فيه فلان"؛ فإنه لا يصح قولاً واحداً، وإن كان لابن الصباغ احتمال في إجراء القولين فيه، وإذا كان صومه متعذراً، لم ينعقد النذر [به؛] كما لو نذر الحج في سنة معينة، ولم يبق من الوقت ما يتمكن من السير فيه لأدائه؛ فإنه لا ينعقد على ظاهر المذهب، وإن كان في لزوم كفارة اليمين بهذا النذر خلاف؛ كما تقدم مثله؛ وهذا القول مختار الشيخ أبي حامد.
قال: ويصح في الآخر؛ لأنه نذر صوماً يمكنه فعله؛ لأنه إذا أخبر أنه يأتي في يوم، فنوى من ليلته، صح ذلك، وما أمكن صومه، صح نذره؛ كصوم غد [اليوم]