الذي يقدم فيه فلان؛ فإنه يصح قولاً واحداً؛ وهذا ما صححه الماوردي، والقاضيان: أبو الطيب والروياني، والنواوي، وصاحب "المرشد"، وقال البندنيجي: إنه اختيار الشافعي، وكذا المزني، وأنه وجهه بأنه قد يجب الصوم في زمان لا يمكن فعله فيه؛ كالصبي يبلغ في أثناء اليوم؛ فيلزمه قضاؤه، وكذلك المغمى عليه.
وعلى هذا قال الشيخ: فإن قدم في أثناء النهار، أي: أخبر بقدومه في أثناء النهار من الليل، نوى صومه، أي: من الليل، ويجزئه؛ لوجود شرط الصوم، وهو النية من الليل، وصحت اعتماداً على الظن؛ كصوم يوم الثلاثين من رمضان وقد وقع الشك في رؤية الهلال.
وقد قاس بعضهم هذا على ما لو نوى الصبي الصوم من الليل، ثم بلغ في أثناء النهار؛ فإنه يجزئه صومه على ظاهر المذهب، وكذلك من شرع في صوم تطوع، ثم نذر إتمامه، فإنه يصح على ظاهر المذهب كما قال الرافعي، وادعى الإمام فيه الوفاق؛ ويلزمه إتمامه.
والقائلون بالقول الأول منعوا صحة الصوم فيما إذا نوى من الليل وقد أخبر بالقدوم في الغد؛ لأمرين:
أحدهما: أنه لم يقطع بالنية؛ لأن من المحتمل أن يقدم وألا يقدم، ومن شرط النية الجزم، وقد حكي هذا عن القفال، والقاضي الحسين نسبه إلى الشيخ أبي زيد.
وقال الماوردي: إنه قياس قول ابن أبي هريرة، ويخالف ما لو نوى الصوم [في] ليلة الثلاثين من رمضان؛ لأن الظن الحاصل ثم من أن الأصل بقاء الشهر، لم يعارضه شيء، وهاهنا الظن الحاصل من الإخبار قد عارضه أن الأصل عدم القدوم.
والثاني: أن ما يصومه من اليوم قبل القدوم يكون تطوعاً؛ فلا يجزئه عما وجب جميعه بالنذر؛ لأن قوله:"فعلي صوم ذلك اليوم" يقتضي [إيجاب] صوم جميعه؛ وبهذا خالفما لو نوى الصبي الصوم من الليل، ثم بلغ في أثناء النهار، وما إذا شرع في صوم تطوع، ثم نذر إتمامه؛ لأنه إنما وجب بالبلوغ والنذر البقية.
وقد خص المتولي محل الخلاف في [صحة] صوم يوم القدوم إذا نواه من الليل بما إذا قلنا: إن نذره يقتضي إيجاب صوم جميع النهار.