أما إذا قلنا: لا يقتضي إلا إيجاب الصوم من حين القدوم، لا ما مضى من اليوم قبله، فلا يصح وجهاً واحداً؛ لأن سبب الوجوب لم يوجد في أول النهار، حتى ينوي إيقاع الصةوم فيه عن الواجب، وما ذكره من الترتيب هو ما أورده العراقيون.
وأما المراوزة، فقد اختلفوا في أصل القولين في صحة نذر يوم القدوم:
فمنهم من قال: أصلهما [أنه] لو نذر صوم بعض [يوم، هل يصح نذره؟ وفيه قولان؛ أصحهما: أنه لا يصح؛ لأن صوم بعض] اليوم ليس بقربة؛ فعلى هذا لا يصح نذره في مسألة الكتاب.
والثاني: أنه يصح، ويلزمه صوم يوم؛ لأنه يتضمنه؛ فعلى هذا يصح نذره في مسألة الكتاب.
وعن الإمام: أنه لا يصح نذره في مسألة الكتاب على هذا أيضاً؛ لأنه التزم يوماً في بعض يوم، وذلك محال؛ فيلغو.
وقد جعل المتولي انعقاد نذر بعض اليوم مبنياً على أن المتنفل إذا نوى الصوم نهاراً يكون صائماً من وقت النية، أو من ابتداء النهار؟ إن قلنا: من وقت النية، انعقد نذره، وإن قلنا: من ابتداء النهار- كما هو الأظهر- فوجهان:
أحدهما: لا ينعقد؛ لما ذكرناه أولاً.
والثاني: ينعقد؛ لأنه قد ورد الأمر بإمساك بقية النهار؛ كما فيحق من أصبح مفطراً يوم الشك، ثم بان أنه من رمضان.
ومنهم من قال: أصلهما: ما إذا قدم زيد في خلال النهار، هل يستند النذر إلى أول النهار أم لا؟ [و] فيه قولان: فإن قلنا بالأول، لم يصح؛ لما ذكرناه. وإن قلنا بالثاني، صح.
ومثل القولين في هذه الصورة يجري فيما لو قال لعبده:"أنت حر يوم قدوم فلان"، أو [قال] لزوجته: "أنت طالق يوم قدوم فلان"، فقدم في أثناء النهار، فهل يستند العتق والطلاق إلى أول اليوم أو إلى وقت قدومه.
وتظهر فائدتهما فيما لو كان قد باع [العبد] المعلق عتقه في ذلك اليوم قبل القدوم، وانقضى الخيار قبل القدوم، أو أعتقه عن الكفارة فيه قبل القدوم، أو مات