"التهذيب": وفي هذا دليل على أنه إذا نذر صوم يوم بعينه، ثم صامه عن قضاء، أو [عن] نذر آخر: أنه ينعقد، ويقضي بدل هذا اليوم.
والثاني- وهو قول ابن أبي هريرة-: أنه يستحب القضاء، ولا يجب، والله أعلم.
قال: وإن وافق يوم عيد- أي: وما في معناه من أيام التشريق- قضاه في أصح القولين؛ لأن نذره قد انعقد على طاعة، وكان يجوز ألا يصادف يوم العيد ونحوه؛ فلزمه قضاؤه، لانعقاد النذر؛ وهذا نظير ما نص عليه الشافعي في كتاب الصيام فيما إذا نذر صوم يوم الاثنين أبداً، فوافق يوم الاثنين يوم عيد: أنه يلزمه قضاؤه.
والقول الثاني: لا يلزمه القضاء؛ كما لو وافق ذلك رمضان؛ وهذا ما أورده البندنيجي حكاية عن النص في "الأم" لاغ ير، ولم يورد الرافعي سواه، وصححه ابن الصباغ والنواوي وغيرهما؛ كما سنذكره، وهو نظير ما نص عليه الشافعي- أيضاً- في النذر فيما إذا نذر صوم يوم الاثنين أبداً، وكان يوم الإثنين يوم عيد: أنه لا يلزمه القضاء؛ كما اختاره المزني، وصححه البندنيجي، واختاره في "المرشد".
فإن قلت: ما ذكره من علة وجوب القضاء في هذه المسألة موجود فيما إذا وافق ذلك رمضان، وقد جزم الشيخ بعدمه فما الفرق؟
قلت:[قد] يتخيل بينهما فرق، وهو أن احتمال القدوم في يوم من شهر أغلب من احتمال وقوع يوم في يوم أو أربعة أيام؛ فلا يلحق أحدهما بالآخر؛ وهذا لا أثر له.
وقد جعل البندنيجي عدم إيجاب القضاء فيما إذا وافق ذلك رمضان مقيساً على ما إذا وافق يوم عيد؛ وهذا يدل على عدم الفرق بينهما؛ فيكون القولان عند من يثبتهما في الجميع؛ ويدل على ذلك: أن الأصحاب قالوا: لو نذر أن يصوم يوم يقدم فلان أبداً، فقدم في يوم الإثنين، كان في صحة نذره يوم القدوم القولان، ويلزمه صوم كل إثنين بعد ذلك، إلا الأثانين الأربعة الواقعة في رمضان، ولو وقع فيه اثنين خامس، ففي وجوب قضائه قولان، كما لو وقع يوم عيد.
ولو كان الناذر لصوم يوم القدوم امرأة، فصادف القدوم يوم حيضها أو نفاسها؛ ففي قضائه طريقان، حكاهما الروياني وغيره.