والذي رأيته في أوائل كتاب النذر من "النهاية" حكاية ذلك في الصورتين، وجزم في موضع آخر منه: أنه إذا قال: "لله علي صوم [يوم] " أنه لا يكفيه أن ينوي نهاراً وإن قلنا: المتطوع لو نوى نهاراً، انعطفت النية؛ ولأجل هذا ادعى في "البسيط"- كما قال مجلي- قطع الأصحاب بعدم الإجزاء.
وقد حكى ابن يونس أن بعض الأصحاب قال: بإجزاء الصوم في مسألة الكتاب خاصة بنية من النهار، وأن على هذا يمكن حمل كلام الشيخ في المسألة السابقة.
فرع: هل يجب على الناذر الإمساك في هذا النهار؛ تشبهاً بالصائمين؟ فيه طريقان:
إحداهما- وهي التي أوردها الإمام والقاضي الحسين والماوردي- القطع بالمنع.
قال الماوردي: لكن يستحب له الإمساك؛ كما لو قدم المسافر في يوم من رمضان، قد أفطر في أوله، استحببنا له أن يمسك في بقيته وإن لم يجب عليه الإمساك.
وحكى الروياني ومجلي عن بعض المراوزة: أنا إن قلنا: يجب القضاء؛ وجب، وإلا فلا.
وقال الغزالي: قد أطلق الأصحاب القول في هذا الفرع، وظني: أنه إنما يجب الإمساك إذا كان كان لم يأكل، فأما إذا كان قد أكل، فكيف يلزمه الإمساك وهو من خصائص رمضان؛ وهذا ما اقتضاه كلام أبي الطيب؛ فإنه قال:"إذا قدم نهاراً أو كان مفطراً، ولم يطعم ذلك اليوم- أمسك يومه وقضى".
قال: وإن وافق ذلك رمضان، لم يقض؛ لأنه لو نذر صوم يوم من رمضان، لم ينعقد نذره؛ لتعينه للصوم عن رمضان، وعدم قبوله لغيره، وقد بينا أن النذر وقع فيه؛ فلم يصح، وإذا لم يصح، لم يلزمه القضاء؛ وهذا ما حكاه الماوردي، وألحق به ما إذا قدم وكان صائماً عن نذر تعين عليه فيه؛ لتقدم استحقاقه، وحكى وجهين في لزوم القضاء إذا وافق قدومه صيامه عن قضاء رمضان أو عن كفارة:
أحدهما- وهو قول أبي إسحاق-: أنه يلزمه القضاء، ويستحب له مع ذلك أن يعيد يوماً آخر؛ لأجل الاعتداد بيوم القدوم عما نواه، واستحباب الإتيان بيوم آخر محكي عن الشافعي في غيره؟ لأنه صام يوماً مستحق الصوم؛ لكونه يوم القدوم، قال في