للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصح النذر كذلك، وإن نزلناه على ما يجوز في الشرع وإن لم يكن فرضاً، صح.

ووجه الشبه: أن نذر الصوم نهاراً حيث يجوز التطوع بالصوم بالإضافة إلى الصوم الواجب شرعاً، بمثابة الركعة بالإضافة إلى أقل واجب في الصلاة.

ولو نذر ركوعاً أو سجوداً أو تشهداً أو دون ركعة، فهل يلغو نذره أو يصح؟ فيه وجهان:

اختيار الشيخ أبي محمد منهما في السجود الأول؛ لأن السجدة الواحدة من غير سبب ليست قربة على الرأي الظاهر.

وعلى الثاني: قال الإمام: يجب عليه أن يأتي بما يأتي به الناذر للصلاة المطلقة، وفيه الخلاف السابق.

وفي "التتمة" فيما إذا نذر دون ركعة: أنه يلزمه ركعة واحدة؛ إن أراد أن يأتي بالمنذور منفرداً؛ أو إن اقتدى بإمام بعد الرفع من الركوع في الأخيرة خرج عن نذره.

وقال فيما إذا نذر الركوع: يلزمه، وفيما إذا نذر تشهداً: فإما أن يأتي بركعة ويتشهد بعدها، أو يكبر، ويسجد سجدة على طريقة من يقول: سجود التلاوة يقتضي التشهد.

قال: ومن نذر عتق رقبة، أي: بأن قال: "إن قدم غائبي، فلله علي عتق رقبة"، أجزأه ما يقع عليه الاسم، أي: من صغير وكبير، سليم أو معيب، [مسلم] أو كافر؛ لأنه إذا أعتق ذلك، وقع عليه اسم رقبة حقيقة؛ فأجزأته؛ وهذا ظاهر ما نقله المزني في "المختصر"، وعليه جرى بعض الأصحاب، واختاره من المتأخرين المحاملي والمستظهري، وصاحب "المرشد"، والأكثرون؛ كما قال النواوي في "الروضة"، وقال: إنه الراجح في الدليل.

وقيل: لا يجزئه إلا ما يجزئ في الكفارة؛ لأن مطلق كلام الآدمي محمول على ما تقرر في الشريعة، والذي قرره الشرع أن تكون الرقبة في الكفارة مؤمنة سليمة من العيوب؛ وهذا ما صححه القاضي أبو الطيب والداركي، وبه قال أبو إسحاق، واختار المزني، وحمل قول الشافعي: "فاي رقبة أعتق، أجزأه" على أنه أراد: أي رقبة أعتق مما تجزئ في الكفارة.

وقد جعل البغوي الوجهين في هذه الصورة مبنيين على القولين في المسألة السابقة.

فإن قلنا: يلزمه ركعتان، لم يجزئه إلا ما يجزئ في الكفارة، وإلا أجزأه ما وقع عليه الاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>