وقال ابن الصباغ: إن أصلهما ما إذا نذر هدياً، هل يلزمه من النعم، أو يجزئه أي شيء أهداه؟
وقال الماوردي: إن مسالة الصلاة والهدي أصلهما إن قلنا: يلزمه ركعتان، والجذع من الضأن، والثنية من المعز والإبل والبقر- لم يجزئه هنا إلا ما يجزئ في الكفارة.
وإن قلنا: يلزمه ركعة وما يقع عليه اسم هدي، أجزأه [هنا] ما يقع عليه الاسم أيضاً.
وكلام القاضي أبي الطيب والداركي يقتضي أنه لا يجزئه هنا إلا ما يجزئ في الكفارة وإن قلنا: إنه يجزئه من الهدي ما يقع عليه الاسم؛ لأنهما قالا: فإن قيل: هلاَّ قلتم: إنه يجزئه أن يعتق ما يقع عليه اسم الرقبة حقيقة؛ كما قلتم في الهدي- قلنا: له في الهدي قولان:
أحدهما: لا يجزئه إلا شاة، وعلى هذا سقط السؤال.
والقول الثاني: يجزئه ما يقع عليه اسم هدي؛ وعلى هذا فالفرق: أن هاهنا وقع عليه اسم الهدي بالشرع أيضاً؛ وذلك قوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} الآية [المائدة: ٩٥]، وإذا قتل عصفوراً وما أشبهه لا يجب عليه شاة، وقد سمى ما يجب عليه به: هدياً؛ فلهذا قلنا: يجزئه ما يقع عليه الاسم، وليس كذلك في مسألتنا؛ فإن الشرع ما ورد بوجوب رقبة إلا مؤمنة سليمة من العيوب.
فرع: لو نذر اعتكافاً، قال في "التهذيب": خرج عن نذره بأقل ما يقع عليه الاسم، ولو ساعة، ويستحب أن يتمه يوماً.
وقال الإمام: لست أجد لهذا أصلاً في واجبات الشرع؛ فلا وجه إلا القطع باتباع اللفظ، وتنزيله على أقل المراتب.
وقد ذكرنا خلافاً في كتاب الاعتكاف في أن الحصول في المسجد مع النية- أي: من غير مكث: كالمرور- هل يكون اعتكافاً؟ فإن اكتفينا به، فهذا فيه تردد عندي؛ فإنا إن اتبعنا اللفظ، فالاعتكاف مشعر بالمكثف؛ فينبغي أن نوجب المكث تعلقاً باللفظ، ويحتمل أن يجعل الاعتكاف في لفظ الناذر لفظاً شرعياً: كالصلاة والصوم، ثم يكتفي فيه بما يصح في الشرع.