قال: وهذا ما جزم بمثله [الإمام] عند الكلام في وجوب تبليغ الهدي إلى الحرم حيث قال: "إنا لا ننظر إلى الواجب شرعاً، وإنما ننظر إلى اللفظ الشائع في الشرع.
ثم قوله: "لم أجد لهذا أصلاً في واجبات الشرع" فيه نظر؛ لأن الأصحاب حيث جزموا بصحة نذر الاعتكاف وإن اختلفوا في صحة النذر بما لم يجب بأصل الشرع، جعلوا أصله المكث بعرفة؛ وعلى هذا إذا حملنا النذر على واجب الشر ينبغي أن نكتفي بالعبور في المسجد مع النية؛ لأن ذلك يكفي في الوقوف بـ"عرفة" والله أعلم.
وقد نجز شرح مسائل الباب، ولنختمه بفروع تتعلق به.
إذا قال الشخص: "لله علي أن أعتق هذا العبد"، وكان ملك غيره، [فملكه يوماً- لا يلزمه عتقه؛ لقوله- عليه السلام-: "لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".
ولو قال: "إن ملكت عبداً، فلله علي أن أعتقه"، فملك عبداً- لزمه عتقه.
وإن قال: "عن ملكت هذا العبد، فلله علي أن أعتقه"، فملكه هل يلزمه عتقه؟ فيه وجهان في "تعليق" البندنيجي وغيره في كتاب الأضحية.
ومثل ما ذكرناه في محل الجزم وجريان الخلاف، جار فيما لو قال لشاة الغير: "لله علي أن أضحي بها"، أو: "عن ملكت شاة، فلله علي أن أضحي بها"، أو: "إن ملكت هذه الشاة، فلله علي أن أضحي بها"؛ حكاه في "الحاوي"، و"البحر" في موضعه.
وذكر القاضي الحسين فيه إذا نذر إعتاق جارية بعينها، فولدت، لزمه إعتاق الولد معها؛ لأنها استحقت العتق استحقاقاً لا يرد عليه النقض والإبطال، ولا يعود إلى ما كان؛ فأشبه أم الولد، وذلك أنه إذا ألزم ذمته إعتاق عبدٍ فللعبد أن يرافعه إلى الحاكم؛ حتى يجبره على الإعتاق، وأنه لو أعتق على مال، المذهب: أنه يعتق، ولا يثبت المال].