عليه السلام - قال: "أما أن فأحئي على رأسي حثيات؛ فإذا انا قد طهرت"، ولم
يفصل بين الجنابة المجردة والجنابة مع الحدث، مع أن الغالب أن الجنابة لا تتجرد.
ولأنهما طهارتان؛ فوجب أن تتداخلا؛ كالجنابة والحيض.
ومقابل هذا أوجه:
أحدها: أنه يجب الوضوء والغسل؛ لأنهما عبادتان مختلفتان؛ فلا تتداخلان؛
كالصلاتين، وهذا ما حكى عن نصه في "الإملاء".
وإذا قلنا به يخير في تقديم أيهما شاء.
قال في "الحاوي": والأولى: تقديم الوضوء.
والثاني: أنه يتوضأ مرتباً، ويفيض الماء على باقي جسده؛ لأن الترتيب خاصية الوضوء،
والتداخل إنما يجزئ فيما يشترك المتداخلان فيه من الأفعال، دون خواصهما.
فعلى هذا: هل يحتاج مع غسل الرأس إلى مسحها، أو يكفيه غسلها؟ فيه وجهان؛
بناء على أن غسل الرأس، هل يقوم مقام مسحها في الوضوء؟
والثالث: أنه يكفيه الغسل، ولا يشترط في أعضاء الوضوء الترتيب، لكن يشترط
أن ينويهما؛ كما في الحج والعمرة.
والأصح - باتفاق الأصحاب - ما ادعى الشيخ أنه ظاهر المذهب: فيكفيه الغسل
من غير ترتيب، ولا نية للوضوء، وهو المنصوص عليه في "الأم" و "المختصر".
قال الرافعي: وهذه الأوجه إذا وقع الحدث الأصغر والأكبر معاً، أو سبق الأصغر،
أما إذا سبق الأكبر فطريقان:
أظهرهما: طرد الخلاف، وهي طريقة ابن سريج، كما قاله الماوردي.
والثانية: الاكتفاء بالغسل، قولاً واحداً، وهي التي عليها الأكثرون؛ لأن الأكبر إذا
تقدم تأثر به جميع البدن؛ فلا يؤثر فيه الأصغر، بخلاف الأصغر، وبهذا يجيء وجه
خامس في المسألة، وبه صرح بعضهم.
وقد رأى الإمام: أن الأظهر الإدراج، فيما إذا كان سبب اجتماعهما الجماع، وإن
قلنا عند انفراد الأسباب بعد الإدراج.