واعلم أن إجراء الخلاف فيما إذا وقع الحدثان معا، يدخل فيه ما إذانظر؛ فأنزل،
وقد أفهم كلام الأصحاب فيه الاتفاق على الاقتصار على الغسل؛ وحينئذ يتعين أن
يكون المراد غيره.
قال: وإن اجتمع على المرأة غسل جنابة، وغسل حيض، فاغتسلت لأحدهما- أجزأها
عنهما؛ لأن فرضهما واحد، فأجزأت نية أحدهما عنهما، وهذا ما رأيته للأصحاب.
فإن قيل: قد حكيتم خلافا فيما إذا بال ونام، ولمس ومس، فنوى رفع أحدهما، في
أن الجميع هل يرتفع أو لا؟ فما الفرق؟
قلنا: قد عسر على بعض المتأخرين، فقال: ما ذكره الأصحاب في الغسل،
تفريع على الصحيح في مسألة الأحداث.
وقد يقال في الفرق بينهما: إن تعرضه في مسألة االأحداث لرفع بعضها، مع أنه في
غنية عن العرض له بأن يأتي بنية رفع الحدث ونحوها- يؤذن بتخصيصه بالرفع؛
فثار الخلاف لمنافاة مقصود الطهارة، ولا كذلك هنا؛ فإن نية الغسل المجرد لا تكفي
اتفاقا؛ فاحتاج إلى تعيين لتمييزه عن الغسل المطلق؛ فلم يفهم منه التخصيص؛
فعمهما الغسل، والله أعلم.
قال: ومن نوى غسل الجمعة لم يجزئه عن الجنابة؛ لأنه لم ينوها، ولا تضمنتها
نيته؛ لأن الجنابة أخص، والأخص لا يستلزم الأعم.
وقد أفهم كلام الشيخ أنه يجزئه عن الجمعة، وهو قول أو وجه حكاه أبو الطيب،
وادعى البندنيجي أنه المذهب.
ومعه وجه أو قول: أنه لا يجزئ عنها - أيضاً - لأن القصد أن يلقى ربه على أكمل
حال؛ فإذا لم يرتفع الحدث لم يكن على أكمل حال؛ وهذا مجموع ما حكاه العراقيون.
والقاضي الحسين قال: إذا نوى غسل الجمعة، هل يجزئه عن الجنابة؟ فيه وجهان:
فإن قلنا: يجزئه عنها، فعن الجمعة أولى، وإلا فوجهان.
قال الإمام: وإنما يظهر أثرهما إذا قلنا: لو نوى غيل الجنابة، ولم ينو غسل
الجمعة لا يحصل غسل الجمعة.
وإذا جمعت مافي المسألة جاءك ثلاثة أوجه؛ كما [هي] في "الحاوي":