وفي السرجين والزيت النجس، وما في معناهما [من الأعيان النجسة والمتنجسة]: ما روى أبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه"، وذلك محرم؛ فكان ثمنه محرماً.
وبالقياس على الجيفة دون جلدها، والعذرة؛ فإن الإجماع منعقد على بطلان بيعهما، وإن كان في الجيفة منفعة إطعامها جوارح الصيد، وفي العذرة منفعة تسميد الأرض.
قال الغزالي: ثم الإجماع على ذلك يدل على أنه لا علة لبطلان البيع إلا النجاسة، وقد يمنع بغير ذلك، ويقال: بل العلة عدم المنفعة المقصودة، فإن البيع لا يعتمد مجرد المنفعة؛ بل لابد من منفعة مقصودة، وهذا النوع من الانتفاع ليس بمقصود.
وجوابه: أن من ذهب من العلماء إلى صحة بيع الأعيان النجسة يراعي فيها مثل تلك المنفعة؛ فلا جرم حسن الاستدلال به عليه.
ولا فرق في الخمر بين أن تكون محترمة أو غير محترمة.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنه لو ألقى العصير وعناقيد العنب في الدن بنية الخل وصار خمراً، فلا خلاف في أنها نجسة.
وهل يجب الضمان على من أراقها؟ وحل يحل بيعها؟ كان – رحمه الله – يحكي فيه وجهين، أظهرهما: أنه لا يحل البيع، ولا ضمان على المريق كالمصفّى.
وفي "النهاية" في كتاب الرهن: أن الشيخ أبا علي حكى تردداً في طهارتها وجواز بيعها.
واعلم أن ذكر الشيخ هذه الأمثلة ليس لتعداد الصور من غير مزيد فائدة، بل لمعنىّ حسنٍ، وهو أن الخنزير والخمر متفق على بطلان بيعهما، والكلب والسرجين