فذكر الخنزير ليقاس عليه الكلب؛ بجامع ما اشتركا فيه من استوائهما في النجاسة والحيوانية والانتفاع، فإن الكلب كما هو منتفع به كذلك الخنزير منتفع به في صلاح الخيل.
وذكر الخمر ليقاس عليه السرجين؛ بجامع ما اشتركا فيه من النجاسة والجماديَّة والانتفاع؛ فإن الخمر ينتفع بها بمصيرها خلاًّ، كما ينتفع بابن اليوم بالكبر، وذكر الزيت النجس ليبين به أن الأعيان المتنجسة بالمخالطة حكمها – فيما ذكرناه – حكم الأعيان النجسة، وذكر الزيت في هذا المقام أحسن من ذكر العسل المتنجس؛ لأنه إذا جزم بعدم الصحة في الزيت مع اختلاف العلماء [في إمكان] تطهيره – على ما سنذكره – كان ذلك فيما لا يمكن تطهيره أولى.
ثم حيث شرعنا في ذلك فنقول: ذهب أبو العباس بن سريج، وأبو إسحاق إلى أن الزيت والشيرج والبزار إذا وقعت فيه نجاسة يمنك تطهيره، وأن ذلك جائز وصورة ذلك: أن يوضع في إناء فيه قلتان من الماء، ثم يحرك ويثقب أسفل ذلك الإناء، فإذا خرج الماء سُدَّ.
وذهب غيرهما على ما حكاه صاحب "الإفصاح" وغيره إلى عدم إمكان تطهيره.
وقال الرافعي:"إنه الأظهر"، وأيده بما سنذكره عنه.
وحكى الجيلي وغيره أن الخلاف في ذلك مبني على اشتراط العصر في غسل النجاسة، فمن اشترطه قال بعدم إمكان التطهير.
ثم إذا قلنا بعدم إمكان التطهير لم يصح بيعه عند العراقيين، وعند المراوزة فيه وجهان مبنيان على جواز الاستصباح بالدهن المتنجس، وفيه قولان مبنيان على أن الدخان هل هو طاهر أم نجس؟ والذي ذهب إليه الشيخ أبو محمد أنه نجس كالرماد؛ فإنه نجس على المذهب.
وحكى القاضي الحسين وجهاً أنه طاهر وإن حكم بنجاسة الرماد.
قال الإمام: وهو الذي يظهر؛ فإن الذي ثار محض أجزاء الدهن.
ثم الخلاف في الدخان مبني – على ما حكاه الجيلي –على أن النار هل تطهر أم لا؟