وفي "الحاوي" أنه الأشعث الصنعَانيّ، وقد اختلف في قوله: "فمن زاد أو استزاد" على وجهين:
أحدهما: أن هذا شكٌ [آخرُ] من الشافعي.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بهما جميعاً، وأراد بقوله: "زاد": أعطى الزيادة، و [بقوله]: "استزاد": أخذ الزيادة [أو طلبها].
قال: "فأمَّا الذهب والفضة فإنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة وهي أنهما قيم الأشياء" أراد الشيخ بذلك التنبيه على مذهب أبي حنيفة وأحمد؛ فإن عندهما العلة فيهما كونهما موزونين من جنس واحد، فعدياها إلى الرصاص، والنحاس، والحديد، والقطن، والصوف، والكتان، وجميع ما يوزن في العادة.
ووجه ما ذكرناه: أن الذهب والفضة يجوز إسلامهما في جميع الموزونات، فلو كانت العلة فيهما وفي سائر الموزونات واحدة لم يجز إسلامهما في ذلك؛ لأن كل شيئين جمعتهما علة واحدة في الربا لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر [كإسلام] الذهب [في الفضة] والعكس؛ والبر في الشعير والعكس؛ فدلّ على أن غيرهما لم يشاركهما في العلة.
واعلم أن القاضي أبا الطيب [اعترض على من جعل العلة في الذهب والفضة كونهما قيم الأشياء وقيم المتلفات، بأن غير المضروب من الذهب والفضة ليس بقيمة للأشياء، ولا ثمناً لها، والربا يجري فيهما، والعبارة الصحيحة: كونهما جنس الأثمان غالباً، وكأنه أراد بقوله: "غالباً" الاحتراز عن الفلوس إذا راجعت؛ فإنه لا ربا فيها عند العراقيين، وقد أجرى الغزالي فيها وجهاً.
قال: "وأمَّا المأكول والمشروب إنه يحرم فيهما الربا لعلة واحدة، وهو أنَّه مطعوم"، والدليل عليه: ما روى معمر بن عبد الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ إلاَّ مثلاً بمثلٍ"، فعلق المنع على الطعام، وهو اسم مشتق، وتعليق الحكم