على الاسم المشتق يدلُّ على التعليل [بما فيه من الاشتقاق] كقوله تعالى: - الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢]- وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: ٣٨]- إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] فإنه يدل على تعليل الجلد بالزنى، والقطع بالسرقة، والتثبُّت لأجل الفسق، كذلك هاهنا [يدل على التعليل بالطعم]؛ ولأن الحكم يوجد بوجود هذه العلة، ويزول بزوالها؛ ولذلك فإن الحبَّ يجري فيه الربا وهو مأكول، فإذا زرع صار قصيلاً غير مطعوم لم يكن فيه ربا، فإذا أَعْقَدَ الحبُّ فيه صار مطعوماً؛ فجرى فيه الربا، والدوران يفيد العِلِّية.
فإن قيل: لا نسلم أنه مشتق، ولا نسلم الاكتفاء في التعليل بمجرد التعليق على المشتق بدون المناسبة، وما ذكرتموه من الدوران فذلك لكونه مكيلاً في حال كونه حبًّا، فإذا صار قصيلاً لم يكن مكيلاً، فإذا انعقد الحبُّ صار مكيلاً فاندفع ما ذكرتموه.
قيل: أمَّا الاشتقاق فظاهر؛ فإنه يصح إطلاقه على كل مستطعم، بدليل قوله تعالى: - كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [آل عمران: ٩٣] يعني: كل مطعوم. وقوله: - فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [عبس: ٢٤] ثم فسره بقوله: - فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً *وَعِنَباً) [عبس: ٢٧، ٢٨] إلى غير ذلك، وقوله: - وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] أي: ذبائحهم، وقال –عليه السلام – في "ماء زمزم": "إِنَّهُ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ"، وقالت عائشة:"مَكَثْنَا دَهْراً مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ الأسْوَدَانِ التَّمْرُ والماءُ".
وأمَّا اشتراط المناسبة في الوصف المشتق المعلق عليه الحكم، فالجمهور على أن المناسب ليست بشرط، ومن زعم أنها شرط – كما صار إليه الإمام – فيجاب بأن وجه المناسبة حاصل؛ لأن الله تعالى قال: - وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] والعبادة متوقفة على البقاء، والبقاء متوقف على ما جعله الله سبباً له، وهو بتناول المأكول والمشروب، وفي تضييق باب الاتجار فيهما إظهار شرفهما