يرشد قول الشيخ:"جاز أن يرد ويطالبه بالبدل قبل التفرق، وبعد التفرق قولان"؛ وكان ينبغي إذا قلنا بجواز أخذ البدل ألاَّ يثبت له الخيار في رده واسترجاع الثمن؛ لأن المعقود عليه باقٍ في الذمة؛ كما في المسلم فيه إذا ردّ بسبب العيب.
وهذا قد صرح به المتولين وابن التلمساني في "شرحه"، لكن يشكل على بناء الإمام؛ فإنا إنما جوزنا الإبدال بناء على أنه ملك بالقبض، ومتى ملك المعيب بالقبض امتنع أن يكون حقه باقياً في الذمة.
فرع: إذا ورد الصرف على ما في الذمة، ثم عين في المجلس بالقبض - فهل يكون كالمعين في حال العقد؟ في نظيره في رأس مال السلم خلافٌ، ويتجه جريانه هاهنا، فإن جري فمن ثمرته أنه إذا ردّ العقد هل يجب على القابض ردّ ما أخذ أو يجوز له ردّ بدله؟ فيه خلاف، وأنه إذا باع ما له في ذمة زيد من نقد لزيد بعوض موصوف في الذمة، وعينه في المجلس، فهل يكفي أم لابد من قبضه؟
إن قلنا: إنه كالمعين في العقد، خرج على القولين في اشتراط القبض، وإلا فلابد من القبض، لكن يلزم على هذا التقرير أنه إذا وجد به عيباً وردّه في المجلس لا يجوز له أخذ البدل على وجهٍ؛ كما إذا ورد العقد على عينه، ولم أره.
[فرع] آخر: إذا طلع على العيب بعد التلف، وكان العوضان من جنس واحد - لم يكن له الرجوع بالأرش؛ لأنه يؤدي إلى التفاضل، ولكن يفسخ العقد، ويرد مثل التالف إن كان خالصاً، أو قيمته إن كان بَهْرَجاً، ويسترجع الثمن، وهذا ما أجاب به الماوردي والبندنيجي هنا وابن الصباغ والمتولي في مسألة الحلي إذا وجد به عيباً، وقد ذُكِرَ فيه وجه آخر: أنه يجوز أخذ الأرش، وهو الذي صححه في "التهذيب"، وهل يعتبر من جنس المعيب، أو بغير جنسه؟ فيه خلاف مذكور، ومثله يجري هاهنا؛ إذ لا يظهر بينهما فرق، ولو كانا من جنسين كالذهب بالفضة، فهل له أن يرجع بالأرش؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ اعتباراً بعيوب سائر المبيعات التالفة. قال الماوردي:"وهذا أقيس"؛ فعلى هذا يرجع بأرش الدينار من الدراهم، وبأرش الدراهم من المذهّب، ويتجه أن يجيء فيه الوجه الآخر - الذي تقدمت حكايته-.