للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجه الثاني – وهو قول الشيوخ من أصحابنا البصريين، والجمهور من غيرهم -: لا يجوز له الرجوع بالأرش؛ لأن الصرف أضيق حكماً من سائر البيوعات، فلم يتسع لدخول الأرش فيه؛ لأن الأرش يعتبر بالأثمان؛ فلم يجز أن يكون الأرش داخلاً في الأثمان، فعلى هذا ينفسخ العقد، ويرجع عليه بمثل التالف أو قيمته إن كان بهرجاً، وقد ورد العقد على عينه، وإن ورد على الذمة ثم قبض في المجلس: فيرد بدله إن كان له مثل، أو قيمته إن كان بهرجاً، وهل له أن يأخذ بدله؟ فيه القولان السابقان، كذا حكاه الماوردي، وفي بعضه تناقض؛ لما حكيناه عنه في الباب الأول من كتاب البيوع، ولا يخفى أن جميع ما ذكرناه في الصرف يجري مثله فيما إذا باع ما يحرم فيه الربا بعلة الطعم [بما يحرم فيه الربا بعلة الطعم].

قال: "وما حرم فيه التفاضل، فإن كان ما يكال لم يجز بيع بعضه ببعض حتى يتساويا في الكيل"، أي: في علم المتعاقدين حالة العقد، ولا يكفي تساويهما في الوزن، وإن كان أحصر لما روى أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال- في حديث عبادة -: "البُرّْ بالْبُرِّ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مُدَّيْنِ بِمُدَّيْنِ، فَمَنْ زَادَ أو ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى".

وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لاَ تضبِيعُوا الْبُرَّ بالْبُرِّ إِلاَّ كَيْلاً بِكَيْلٍ يَداً بِيَدٍ"، نصاً على التساوي بالكيل؛ فاقتضى ألا يعتبر التساوي فيه بالوزن؛ لأنه قد يخالف ما أمر به من الكيل. نعم، ولو علم تساوي صنف في الكيل والوزن هل يجوز بيع بعضه ببعض وزناً؟ [فيه وجهان محكيّان في "الحاوي".

وحكى عن الفوراني أنه جوز بيع ما يكال وزناً] دون عكسه، والذي كان يكال على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبوب والأدهان، والألبان، والتمر والزبيب والملح.

وحكى أصحابنا فيه إذا كان قِطَعاً كباراً وجهين:

أحدهما: يُدق ويكال.

والثاني: يوزن. وهو الأظهر.

وفي كلام الإمام ما يدل على أن اللبن الخاثر يجوز كيله ووزنه، وألحق الأصحاب

<<  <  ج: ص:  >  >>