العصير بما يكال، وكذا السمن والعسل عند أبي إسحاق، على ما حكاه الرافعيُّ عنه في السمن، والقاضي أبو الطيب وغيره في العسل.
وفي "الزوائد": أن أبا إسحاق قال في العسل: "إنه يباع كيلاً، بخلاف السمن" والمنصوص أنهما يوزنان، وتوسط صاحب "التهذيب"[في السمن] فقال: "إن كان ذائباً كان مما يكال، وإلاَّ فمما يوزن.
وقال الماوردي:"إن كان ذائباً فلا يباع إلا كيلاً، وإن كان جامداً فوجهان:
أحدهما: لا يجوز بيع بعضه ببعض؛ لأن أصله الكيل، وهو متعذر.
والثاني: يجوز وزناً".
قال: "فإن كان في أحدهما قليل تراب جاز"؛ لأنه يتخلل في المكيال، فلا يظهر أثره، وكذلك قليل التبن.
أمَّا ما يظهر له أثر في المكيال ككثير التراب والتبن، أو كان المخالط قصيلاً –وهو عقد التبن – أو زُواناً – وهو حب أسود قريب من خلقة الشعير – لم يجز؛ للعلم برجحان المقابل، ولو باع القمح بالقمح، وفي أحدهما قليل شعير لا يقصد مثله، أو شعيراً بشعير، وفيهما أو أحدهما قليل قمح لا يقصد مثله – لم يضر.
قال: "وإن كان مما يوزن لم يجز بيع بعضه ببعض حتى يتساويا في الوزن"،أي في علم المتعاقدين حالة العقد؛ لما روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْناً بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ وَزْناً بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِباً"، ولما ذكرناه من المعنى.
واستدل الماوردي وغيره على اعتبار الكيل فيما يكال بالحجاز في عصره صلى الله عليه وسلم، وإن كان يوزن في سائر البلاد، والوزن فيما يوزن بالحجاز في عصره – عليه السلام – وإن كان يكال في سائر البلاد – بما روى طاوس عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ"، وليس هذا القول