إخباراً بانفراد أهل المدينة بالمكيال ومكة بالميزان؛ لأن مكيال غير المدينة، وميزان غير مكة يجوز التبايع به، واعتبار التماثل فيه؛ فعلم أن مراده عادة أهل المدينة فيما يكيلونه، وعادة أهل مكة فيما يزنونه.
وفي "النهاية" أنه يجوز أن يكون معنى الحديث: أن ما تعلق [بالوزن] من النُّصُب وأقدار الديات وغيرها فالاعتبار فيها بوزن مكة، وما تعلق بالكيل في زكاة الفطر والكفارات فالمعتبر ما يغلب في المدينة، وليس في الحديث تعرض لأمر الربا، واستدل المحاملي على ذلك بأن الشرع ورد باعتبار المماثلة والمساواة في البيع، ولم يبين الجهة التي يعتبر فيها التساوي، ولابد فيها من تحديد، ولا حدّ لها في اللغة ولا في الشرع؛ فرجع في تحديده إلى العرف والعادة، وأَوْلى العادات بالاعتبار العادةُ التي كانت في زمنه عليه السلام.
قال:"فإن كان في أحدهما قليل تراب لم يجز؛ لأن التراب يظهر في الوزن؛ فلا يعسر الاحتراز عنه في الموزونات، وصور الماوردي المسألة: بما إذا باع ما يوزن من الورق والذهب بعضه ببعض، وفيهما أو في أحدهما يسيرٌ من التراب.
فرع: إذا اتخذ مكيالاً لم يعهد في عصره صلى الله عليه وسلم، وكان يجري التماثلُ به - قال الإمام: الوجه القطع بجواز رعاية التماثل به؛ كما قطع أصحابنا بجواز بيع الدراهم بالدراهم إذا علمنا بالتساوي في كفتي الميزان، أمَّا إذا لم يجر العرف باستعماله بأن باع مِلْء قصعة بملئها ففيه تردد للقفال، والظاهر الجواز.
والوزن بالماء يتأتى بأن توضع دراهم في طرف، وتلقى على الماء، وينظر إلى مقدار غوصه، ثم يفعل مثل ذلك بمقابله، قال الإمام: ولكن الظاهر أنه لا يكتفي به؛ فإنه ليس وزناً شرعيًّا ولا عرفيًّا.
[فرع] آخر: لو قال: بعتك هذه الصُّبْرة على أن تكون كل صاع بصاع، وهما لا