قال:"ولا بيع دقيقه بدقيقه": أمَّا وزناً فَلِمَا قررناه، وأمَّا كيلاً فللجهل بالتماثل في حال الكمال، ولأن أحدهما قد يكون أنعم فينبسط في المكيال أكثر من الخشن، ويخالف بي الحنطة الصغيرة الحبة بالحنطة الكبيرة الحبة؛ فإنَّ أجزاء الحب ثَمَّ مجتمعة.
وحكى البويطي، والمزني في "المنثور"، وحرملة قولاً:"أنَّه يجوز [بيع الدقيق بالدقيق كيلاً، وإن امتنع] بيع الحنطة بالدقيق؛ كما يجوز بيع الدهن بالدهن، وإن امتنع بيعه بالسمسم؛ فعلى هذا: لا يجوز بيع ما يتخذ من القمح بما يُتخذ منه.
وحكى الشيخ أبو حامد والعراقيون قولاً عن رواية حرملة: أنَّه يجوز بيع الخبز اليابس المدقوق بمثله؛ لإمكان كيله وادخاره.
ورواه الشيخ أبو عاصم العبَّاديُّ وغيره عن رواية ابن مقلاص، واختاره ابن أبي عصرون، ورواه الماورديُّ وجهاً ثم قال: "ولولاه مشهوراً من قول أصحابنا لكان إغفاله أولى؛ لمخالفته النصَّ، [ومنافاته المذهب] ".
وبالجملة، فكل قول حكيناه غير ما حكاه الشيخ، قال الإمام: اتفق أئمة المذهب على أنه غير معدو من متن المذهب، وإنما هو من ترددات جرت في القديم، وهي مرجوع عنها.
وحكم السمسم وغيره من الحبوب التي يتخذ منها الأدهان مع طحينتها، وطحينتها مع طحينتها حكم الدقيق، [وكذا الحنطة] التي ينحَّى قشرها بالدق والتهريس بعد البل – حكم الدقيق. وأبدى الإمام فيها احتمالاً.
فرع: الحنطة المسوسة، أطلق الأئمة القول بجواز بيعها بعضاً ببعض، وقال الإمام: لعل ذلك قبل أن تتآكل، فأمَّا إذا تآكلت وخلت أجوافها ففيها نظرٌ عندنا، والقياس: القطعُ بالمنع كالحنطة المقلية بمثلها، والحنطة المبلولة بمثلها؛ لما في ذلك من التجافي في المكيال، الحكم في الحنطة المبلولة بعد الجفاف المنعُ أيضاً.
قال:[ولا] مطبوخِهِ بمطبوخِهِ كاللحم المشوي، والدبس، والقُطارة، عسل القصب، والقند، والسكر، والفانيذ، وكل ما تعقد النار أجزاءه مثل عصير الرمان،