التأبير، وليس كذلك، بل محله ما إذا لم يتشقق [عنه] القشر الأعلى، أما إذا تشقق عنه القشر الأعلى، فإنه يكون كثمرة النخل بعد التأبير، وهو ما ذهب إليه الشيخ أبو حامد ومن في طبقته، وحملوا النص على ما إذا تشقق عنه القشر الأعلى وبقي الأسفل، ويدل عليه أنه قال:"دونه حائل لا يزال عنه إلاَّ في وقت الحاجة إلى أكله" وهذه صفة القشر الأسفل دون الأعلى. ولم يحك الماوردي في الجوز سوى هذا القول، وألحق اللوز بالمشمش.
وقال القاضي أبو الطيب: غلط في ذلك الشيخ أبو حامد لأن تشقُّق قشر هذا عنه ليس من مصلحته إذا كان على رءوس الشجر؛ لأنه كتشقق الرمان الذي ليس فيه صلاحه، وكلام الشيخ يرشد إلى التصوير بما ذكرناه؛ لأنه قال:"وإن كان ثمرة في قشرين"، وهو بعد التشقق لا يكون في قشرين، بل في قشر واحد.
قال:"وإن كان ثمرة تخرج في نَوْر، ثم يتناثر عنه النَّور كالمشمش والتفاح – فهو كثمرة النخل: إن ظهر ذلك أو بعضه" أي: من نوره "فهو للبائع، وإن لم يظهر منه شيء فهو للمشتري"، [أي]: وإن انعقد؛ لأن استتارها بالنور كاستتارها بقشر الطلع، وتناثر النور عنه كالتشقق في الطلع، وهذا ما نصّ عليه في البويطي، والصرف، واختاره أبو إسحاق والقاضي الروياني وسائر الأصحاب كما حكاه المحاملي.
قال:"وقيل: إنه للبائع في الحالين" أي: حال كون النور عليه، وحال تناثره عنه.
وهذا ما حكاه المحاملي في "المجموع" عن تخريج الشيخ أبي حامد، وأنه الذي يجئ على المذهب، متمسكاً فيه بقول الشافعي: حكم كل ثمرة خرجت بارزة ترى في أول ما تخرج كما ترى في آخره، فهو في معنى ثمرة النخل بارزة من الطلع، وتقريره: أن الثمرة ظاهرة بالخروج، واستتارها بالنور كاستتار ثمرة النخل بعد التأبير بما عليها من القشر الأبيض، واستتار حبات العنب بما يتشقق عنها من النور اللطيف، وذلك لا يجعلها تابعة؛ فكذلك هذا، وقد رجح هذا القول أبو القاسم الكرخي والبغوي، وخَطَّأ الشيخَ أبا حامد القاضي أبو الطيب في "تعليقه"، وقال ابن الصباغ: