وقد ألحق أصحابنا العراقيون الفِرْسِكَ وهو الخوخ والكمثرى، والسفرجل بالمشمش والتفاح، صرح بالأول ابن الصباغ، وبما عداه الماوردي، وبالمجموع المحامليُّ في "المجموع"، وفصل الإمام فقال: الأشجار التي تبدو أزهارها منها ما يحتوي مركب الأزهار، وأصلها على الثمار على هيئات خوخات صغار كالمشمش والخوخ وما في مناه، فإذا بيعت هذه الأشجار وعليها أزهارها فالثمار في مطلق البيع للمشتري؛ فإنها مستترة استتار الطلع، وفيها مزيد معنى، وهي أنها لا تعد بعد ثمرة حتى تشت وتتصلب، وذلك بعد انتشار الأزهار وانكشافها عن الخوخات. ومن الأزهار ما لا يحتوي على الثمار ولكنها تطلع والثمرة دونها كالكمثرى والتفاح، فما كان كذلك فقد اختلف الأصحاب فيه:
فالذي مال إليه العراقيون أن الثمار لها حكم الظهور؛ فلا تتبع الأشجار المطلقة في البيع.
ومن أصحابنا من قال: هي للمشتري؛ لأنها غير منعقدة بعد، وإنما انعقادها بعد انتشار الأزهار.
فهذا هوا لذي ذكره الصيدلاني.
وهذا من الإمام يدل على أنَّ الخلاف في هذا النوع قبل انعقاد الثمار، إلاَّ أن يريد تكامل الانعقاد، ويؤيده أن المحكي في الرافعيّ أن المشمش والتفاح والكمثرى إن بيع أصله قبل انعقاد الثمرة فإنها تنعقد على ملك المشتري، وإن كان النور قد خرج، وإن بيع بعد الانعقاد وتناثر النور فهي للبائع، وإن بيع بعد الانعقاد وقبل تناثر النور فوجهان.
تنبيه: المشمش: بكسر الميمين، قاله الجَوْهَرِيُّ.
وحكى أبو عبيدة الفتح.
قال:"وإن كان ورقاً كالتوت"، أي: الذي يقصد لتربية القز، وهو الشامي، "فقد قيل: إنه إن لم يتفتح فهو للمشتري، وإن تفتح فهو للبائع"؛ لأنه مقصود لطعمة دودة القز؛ فهو كالثمرة من غيره. وهذا ما صححه الجيلي، وجزم به الماوردي، وطرده في كل ما المقصود منه الورق.