قال:"وإذا باع الأصل، وعليه ثمرة للبائع" – أي: حيث قلنا: "لا تدخل في البيع"- لم يكلف نقلها إلى أوان الجداد"، أي جدا مثلها من بسر أو رطب أو ثمرة، ويعتبر في ذلك أول زمان الإمكان، كما قاله الماوردي وأبو الطيب.
ووجهه: أن البائع يؤمر بتفريغ المبيع على حسب العرف، والعادة في الثمار تنقيتها إلى أوان الجداد، ويشهد لهذه القاعدة: أنه لو باع داراً مشحونة لا يكلف أن ينقل ما فيها في ساعة، بل شيئاً فشيئاً، على ما جرت به العادة، وكذا لو باع داراً ليلاً، لم يكلف الانتقال منها حتى يصبح، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المشتري علم بأن الثمرة تبقى للبائع أوْ لاَ، نعم إذا لم يعلم بتأبير النخل وظهور الثمرة ثبت له الخيار، ويتصور ذلك بأن يكون قد رأى الأصل قبل ذلك.
والجداد بالفتح والكسر: القطع.
أمَّا إذا كانت بحيث تندرج في البيع، فاستثناها لنفسه بالشرط – فالذي حكاه الماوردي: أنه لا يستحق الإبقاء، بل يقطع في الحال؛ لأنه إنما يصح استثناؤها له بشرط القطع كما نص عليه الشافعي في كتاب الصرف، وهذا يوجب عليه إلزام موجبه.
وفي "تعليق" القاضي أبي الطيب "والشامل": أن هذا ليس يقول به أحد من أصحابنا، وأجاب عن النص بأنه خطأ في النقل، وحكى صاحب "الحلية" الخلاف، وجعل أصله الخلاف فيما إذا باع داراً واستثنى سكناها شهراً، ومقتضاه أن يكون الصحيح قول الماوردي، لكنه رجح مقابله، كما هو في الرافعي وغيره.
ثم على قول الاشتراط: لو أطلق العقد، قال الإمام: ظاهر كلام الأئمة أن الاستثناء باطل، والثمرة للمشترين وهذا مشكل؛ فإن صرف الثمرة إليه مع التصريح باستثنائه محال عندي؛ فالوجه أني جعل شرطاً فاسداً، فيفسد العقد في الأشجار أيضاً.
قال: "فإن احتاج إلى سقي" – أي: بحيث إن لم يُسق فسدت الثمرة أو امتصت – "لم يكن للمشتري منعه من سقْيه – أي: بالماء المعد لسقي الأشجار المبيعة، وإن تضررت الأشجار به كما أشار إليه الماوردي؛ لأن ذلك من صلاح هذه الثمرة، فلم