يكن للمشتري المنع منه؛ قياساً على التبقية على الأصول، لكن مؤنة السقي على البائع، بخلاف ما إذا باع الثمرة؛ فإن مؤنة السقي على البائع إلى أوان الجداد؛ لأنه ألزم تبقيتها، والسقي من ضرورة بقائها.
وقيل: إذا تضررت الأشجار بالسقي لم يجبر المشتري عليه، بل يراعى جانبه، حكاه الإمام ومن تابعه.
وحكى عن أبي إسحاق وجهاً آخر: أنه لا يجبر واحد منهما؛ لاستواء الحقين، فإن تراضيا على شيءٍ، وألا فسخَ العقد.
والأول قول [أبي] علي بن أبي هريرة، واختاره ابن أبي عصرون.
والثاني عند الغزالي أصح.
والثالث عند الرافعي أظهر، وقال: إن الثاني لم أر من رجحه إلا الغزالي.
أما إذا كان ترك السقي لا يضر بالثمرة، ولكن يمن تزايدها وتنميتها، قال الغزالي: يحتمل أن يلحق بالحالة الأولى، ويحتمل أن يمتنع وجها ًواحداً.
ولو تضررت الثمار بالسقي والأشجار بتركه، قال الإمام: فتعود الثلاثة أوجه.
قلت: وفي ذلك نظرٌ؛ لأن مقتضى من نظر في المسألة الأولى إلى جانب البائع – وهو ابن أبي هريرة – ألا يجبره هنا، ومن نظر إلى جانب المشتري في الأول، كما حكاه الإمام يجبر البائع، ومذهب أبي إسحاق لا يختلف.
وقد حكى المحاملي والماوردي وغيرهما عن ابن أبي هريرة أنه قال في هذه الصورة: إن البائع يجبر.
فلا يتحرر في هذه الصورة إلاَّ وجهان، إلا أن يكون ابن أبي هريرة ينظر إلى جانب من يتضرر بالسقي كيف كان ويراعيه، والآخر ينظر إلى جانب الآخر كيف كان ويراعيه؛ فينعكس الحال، وتجيء الأوجه، والله أعلم.
ولو كانت الثمرة لا تحتاج إلى السقي، ولو سقيت زادت ونمت، وإن تركت امتصت رطوبة الأشجار، أو نقص حملها في المستقبل نقصاناً كثيراً – فالبائع مجبر على السقي أو القطع، فإن عدم الماء فهل يتغير القطع؟
حكى العراقيون فيه قولين عن "الأم"، وأصحهما عند الكرخي: تعيين القطع.