قال الإمام:"ولم يقع التعرض لاستواء الحقين، ولابد من هذا الوجه" يشير إلى وجه أبي إسحاق.
ولو لحق الثمرة آفة قبل وقت القطع، فهل يتعين عليه القطع؟ فيه قولان، رواهما صاحب "التقريب".
قال:"وإن كانت الشجرة تحمل حملين" – أي: متلاحقين – "فلم يأخذ البائع ثمرته حتى حدثت ثمرة المشتري، واختلطت ولم تتميز – ففيه قولان:
أحدهما: ينفسخ البيع"؛ لأن المقصود من الشجرة المثمرة الثمرة، وقد تعذر تسليمها؛ لأن كل واحد منهما لا يلزمه تسليم ما اختلط به من ماله، ولا إجباره على قبول مال صاحبه؛ فوجب أن يبطل العقد لفوات المقصود، كما لو اشترى جوهرة فوقعت في بحر عظيم قبل القبض، أو انقلب العصير خمراً، وهذا ما اختاره ابن أبي عصرون. فعلى هذا قال المتولي: يسترد المشتري الثمن، وترد الشجرة مع جميع الثمرة، وإلى ذلك أشار المحاملي أيضاً بقوله: تعود الشجرة والثمرة إلى ملك البائع. وفي كلام البغوي ما يخالفه، كما سنذكره.
وكأن حاصل ما قالوه يرجع إلى أن هذا العقد ينفسخ من أصله أو من حينه: فكلام المتولي والمحاملي يقتضي أنه من أصله، وكلام البغوي يقتضي أنه من حينه.
قال:"والثاني: لا ينفسخ"؛ لأن المبيع وهو الشجرة باقٍ، وكذلك المقصود منها، والتصحيح ممكن بما ذكره، فيقال للبائع: إن سلمت الجميع أُجبر المشتري على قبوله؛ لأنه دفع إليه حقه بزيادة لا تتميز عنه، فأجبر عليها؛ كما لو أسلم في طعام فأتاه بأجود منه.
قال:"فإن امتنع" – أي: البائع – من البدل، قيل للمشتري:"إن سلمت الجميع أجبر البائع على قبوله" لما ذكرناه؛ فلا وجه للحكم بالانفساخ في الحال.
قال:"فإن تشاحا" – أي: تباخلا ولم يرض أحدهما ببدل ما لَهُ- "فسخ العقد"؛ لتعذر الوصول إلى المقصود حينئذ، وهذا الخلاف حكاه المزني وغيره عن "الأم" أيضاً، وبه قال أكثر أصحابنا، على ما حكاه أبو الطيب في "تعليقه" وغيره.