قال:"وقيل: لا ينفسخ قولاً واحداً"؛ لأن المبيع لم يختلط بغيره فلم ينفسخ العقد؛ كما لو اشترى داراً فيها طعام له وللبائع واختلطا، وهذا ما صححه القاضي أبو الطيب في باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار.
ومن قال بالأول فرق بما أشرنا إليه في علة القول الأول: من أن الثمرة هي المقصودة بالعقد؛ لأنها نماء المبيع وليس الطعام مقصوداً من بيع الدار، لوا هو من نمائها؛ فلذلك لم يؤثر اختلاطه في فساد العقد.
ووجَّه البغوي هذا القول: بأنه لا فائدة في الفسخ؛ فإنه لا يفيد قطع النزاع؛ فإنَّ الثمرة الحادثة لا تعود إلى البائع، وهذا ما أشرنا إليه من قبل، وهذا الطريق قال به أبو علي بن خيران والطبري في "الإفصاح" وقالا: محل القولين اللذين نقلا في "الأم" في مسألة بيع الطعام، والمزني نقلها من "الأم"، والغلط وقع في النقل.
قال الإمام:"وهذا هو القياس الذي لا يسوغ غيره".
وقال الماوردي: الصحيح ما قالاه جواباً وتعليلاً، وإن كان نقل المزني صحيحاً، والإذعان للحق أولى من نصرة ما سواه.
فعلى هذا: إن رضي أحدهما بترك حقه لصاحبه أجبر عليه، وإلاَّ كان القول قول من في يده الثمرة في قدر حق صاحبه، كذا قاله المحاملي والماوردي والبغوي وغيرهم.
وفي "الشامل""وتعليق أبي الطيب": أنهما إذا تشاحا فسخ، وهو الذي يقتضيه ظاهر كلام الشيخ.
تنبيه: الشجرة التي تحمل حملين، قال المتولي: إنما يتصور في التين؛ لأنه يخرج مرة بعد مرة.
وقوله مستمد مما حكاه عن الشيخ أبي حامد أنه قال: لا أعلم ذلك إلاَّ في التين. وقد قيل: إن النارنج والأترج والباذنجان كذلك، ومحل الخلاف في المسألة: ما إذا لم يعلم وقوع هذا الاختلاط غالباً، بل وقع لتأخر القطاف، أو كان غالباً، وشرط في حال العقد قطع الثمرة عند خوف الاحتلاط، فلم يتفق حتى حدثت الأخرى، أمَّا إذا كان الاختلاط غالباً، ولم يشترط القطع فالعقد باطل.