للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا باع بشرط القطع فدليل جوازه الإجماع، وأمَّا في الباقي؛ فلأنه – عليه السلام – في حديث ابن عمر جعل غاية النهي بدوّ الصلاح، والحكم بعد الغاية مخالف لما قبلها، فلمَّا امتنع ذلك قبل بدوّ الصلاح [تعين جوازه] بعده.

قال الرافعي: "ولا فرق في ذلك بين أن تكون الأصول للبائع، أو للمشتري، أو لغيرهما".

قلت: وفيما إذا كانت الأصول للمشتري وباع بشرط القطع، نظرٌ يظهر لك فيما إذا باع ما لم يَبْدُ صلاحه من صاحب الأصل.

قال: وبدوّ الصلاح أن يطيب أكله – أي: المعتاد [فيأخذ الناس منه]، فثمرة النخل وإن كان أكلها طلعاً، وبلحاً [واقعاً] فلا عبرة به، [بل لابد من احمرارها واصفرارها، وثمرة الكرم وإن كانت تؤكل حِصْرِماً فلا عبرة به]، بل لابد من تموُّه الأبيض منها بالحلاوة، وشروع ما يسوّد منها أو يحمر في التلون.

والخيار والقثاء ونحوه، وكذا الباذنجان، وإن طاب أكله في حال صغره، فلابد من أن ينتهي إلى حالة يأخذ الناس في أكله.

ولو قيل في حَدّ بدوّ الصلاح: صيرورته إلى الصفة التي تطلب غالباً لكونها على تلك الصفة؛ حتى يدخل فيه ما قاله البغوي: إنَّه لا يجوز بيع ورق التوت قبل تناهيه إلاَّ بشرط القطع – لكان أشمل. وقد جعل الماوردي بدو الصلاح ثمانية أقسام:

أحدها: اللون، وذلك في النخل بالاحمرار والاصفرار، وفي الكرم بالحمرة، أو السواد، أو الصفار والبياض، وفي المشمش بالصفرة، وفي العناب بالحمرة، وفي الإجَّاص بالسواد، وفي التفاح بالبياض، وأمثال ذلك.

الثاني: بالطعم، ومنه ما يكون بالحلاوة كقصب السكر، ومنه ما يكون بالحموضة كالرمان.

الثالث: بالنضج واللبن كالتين والبطيخ.

الرابع: بالقوة والاشتداد كالبر والشعير.

الخامس: بالطول والامتلاء كالعلف والبقول والقصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>