والأصل في اعتبار ما أشرنا إليه: ما روى البخاري عن جابر بن عبد الله قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشْقِحَ، قِيلَ: وَمَا تُشْقِح؟ قَالَ: تَحْمَارُّ، وَتَصْفَارُّ، وَيُؤْكَلُ مِنْهَا".
وما روى أبو داود عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسودّ، وعن بيع الحب حتى يشتد، فأشار - عليه السلام - إلى ذلك في هذه الأنواع؛ لعمومها عندهم في ذلك الوقت، وفيه تنبيه على ما عداها.
قال: وإذا وجد ذلك في بعض الجنس في البستان -أي: ولو في ثمرة واحدة، كما قاله في "المرشد" - "جاز بيع جميع ما في البستان من ذلك الجنس" دفعاً للضرر؛ فإنا لو اعتبرنا بدو صلاح الجميع أدى إلى تلف السابق، ولو شرط بيعه أولاً فأولاً أدى إلى أن يباع رطبه برطبه؛ فإن الله - تعالى - جعل كمال التفكه به عدم طِيبِه جملة واحة.
ثم كلام الشيخ يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون ما لم يبد صلاحه من نوع ما بدا صلاحه، أو من غير نوعه، اشتمل العقد على الجميع أو على ما بدا صلاحه أو غيره، اتحد مالك البستان أو اختلف، والحكم في ذلك - وفاقاً وخلافاً - كالحكم الذي ذكرناه في التأبير سواءٌ، صرح بذلك الرافعي والماوردي وغيرهما.
لكن حكينا ثَمَّ فيما إذا اختلف النوع أن الصحيح في "تعليق" أبي الطيب: أنه كالنوع الواحد، وحكينا عن ابن خيران أنه كاختلاف الجنس، والمحكي في "تعليق"