أبي الطيب هنا أن المذهب الصحيح – وهو الذي ذكره القاضي أبو حامد في "الجامع"، ونصَّ عليه الشافعيّ في البويطي -: أن بدو الصلاح في نوع لا يكون بدو الصلاح في النوع الآخر، وأن أبا علي بن خيران، والطبري قالا:"إنه يكون بدو الصلاح [في سائر الأنواع]؛ كما يضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة"، ثم نقض [ما عللا به] بأن الشافعي نص على أن بدوَّ الصلاح [في الثمرة الصيفيَّة لا يكون بدوًّا] في الثمرة الشتوية، وإن كانت تضم إليها في الزكاة، ولا يمكن حمل ما قاله القاضي أبو الطيب هنا عن المذهب على ما إذا أفردها بالعقد؛ فإن الصحيح في نظيره من التأبير أنه لا يصح أيضاً؛ لأنه حكى [ذلك] في فصل بعده، وحكى فيه وجهين، وأنَّ أصحهما: أنه لا يجوز أيضاً.
قال:"ولا يجوز بيع الزرع الأخضر إلا بشرط القطع"؛ لما روى مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نَهَى عَنْ بَيْع النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ، وَيَامَنَ الْعَاهَةَ، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ".
وهذا فيه إشارة إلى العلة المجوِّزة لبيعه بشرط القطع؛ فإن معه [قد أمن من العاهة].
أمَّا إذا زالت الخضرة عنه، وبدا صلاحه كما ذكرناه فيجوز بيعه مطلقاً، ويشترط القطع بشرط التبقية إلى أوان الحصاد؛ لِمَا دلَّ عليه خبر أنس أنه – عليه السلام -: "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ".
وحكم أصول البطيخ والباذنجان ونحوهما عند الغزالي حكم الزرع؛ فلا يجوز إلا