وفي "الحاوي" طريقة ثالثة عن ابن أبي هريرة: أنه يبرأ في الحيوان من غير المعلوم [دون المعلوم، ولا يبرأ في غير الحيوان من المعلوم، وفي غير المعلوم] قولان، ولو قال: بعتك بشرط ألاَّ ترد بالعب، جرى فيه هذا الخلاف، وزعم المتولي أنه فاسدٌ قطعاً مفسد للعقد.
قال القاضي الحسين في "تعليقه": "لأنه منع تصرفه في حق يثبت له بمقتضى العقد، بخلاف شرط البراءة؛ فإنه اشترط البراءة من ثبوت الحق.
ولو شرط البراءة من العيوب الموجودة والتي تحدث، ففيه وجهان، أحصحهما - ولم يذكر الأكثرون سواه -: أنه فاسد.
ولو عين بعض العيوب، وشرط البراءة عنه نظر: إن كان مما لا يعاين، مثل أني قول: بشرط براءتي من عيب الزنى والسرقة والإباق، برئ منها بلا خلاف، وإن كان مما يعاين كالبرص: فإن أراه قدره وموضعه فكمثل، وإن لميره فهو كشرط البراءة مطلقاً، وحكى الغزالي في هذه الصورة خلافاً على القول بعدم الصحة في الأصل مبنيًّا على العلتين في فساده.
قال الإمام: "وليس المعنى بالإعلان أن يطلع المشتري على العيب، [أو يرى من نفسه العلم بها، وإنما المراد البراءة من صفات لا يقطع الشارط بكونها، وإنما بقدر البراءة لو كانت؛ إذ لو حصل الإطلاع على العيب] فلا حاجة إلى الشرط، ومن الاطّلاع أن يقول البائع:"هذه العيوب به فأبرئني منها".
قال:"وإن اختلفا في عيب يمكن حدوثه -أي: مثل تخريق الثوب، وكسر الإناء، والبرص، وأمثال ذلك، فقال البائع: حدث عندك، وقال المشتري: بل كان عندك - فالقول قول البائع؛ لأن حدوث العيب متفق عليه، والأصل عدم حصوله في يد البائع، ولأن دعوى المشتري تقتضي الفسخ، ودعوى البائع تقتضي الإمضاء،