للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للشراء؟ فيه وجهان.

قال: "ويحرم التسعير"، وهو أن يأمر الناظِرُ في أمر المسلمين أهل السوق ألاَّ يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، فالأصل فيه ما روى أبو داود عن أنس: قال الناس: يا رسول الله، غلا السعر، فَسَعِّرْ لنا، قال رسول الله: "إِنَّ اللهَ هَوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ".

ولأنّ الناس مسلطون على أموالهم، وفي التسعير عليهم إيقاع حجر، وذلك غير جائز في مطلق التصرف، ولأن الإمام مندوب إلى النظر في مصالح الكافة، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن بأولى من نظره في مصلحة البائع بوفور الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، ولا فرق في ذلك بين حالتي الغلاء والرخص، وفي وقت الغلاء وجه: أنه يجوز؛ رفقاً بالضعفاء.

وعن أبي إسحاق: أنه إن كان يجلب الطعام إلى البلد فالتسعير حرام، وإن كان يزرع بها، ويكون اقتناؤه فيها فلا يحرم، وحيث جوزنا التسعير فذاك في الأطعمة، ويلتحق بها علف الدواب في أظهر الوجهين، وإذا سعر الإمام مخالفاً استحق التعزير، وفي صحة البيع وجهان منقولان في "التتمة".

وعلى القول بتحريم التسعير لو فعله الإمام، وباع الناس أمتعتهم بما سعر - عليهم نظر: إن أكرههم على بيعها، ولم يمكنهم من تركها لم يصح، وإن لم يكرههم لكنهم كانوا كارهين للسعر، فالبيع جائز لكنه مكروه.

قاله الماوردي.

<<  <  ج: ص:  >  >>