جوازها من جانب المكاتب، وللقاضي أن ينفصل عن القراض بأن محله بعد الخوض في العمل؛ فإن الاختلاف قبل الخوض فيه لا معنى له، مع أنه يعرض له ان يجعل نفس التناكر تفاسخاً، وإذا كان كذلك فللتحالف فائدة لا يفيدها الفسخ، بخلاف فسخ البيع في زمن الخيار؛ فإنه لا يبقى شيئاً يزيله التحالف. ثم الاختلاف في الثمن يكون من ثلاثة أوجه:
أحدها: في قدره، كما إذاقال: بعتك بألف، فقال: بل بخمسمائة.
والثاني: في جنسه، كما إذا قال: بعتك بالدنانير فقال: بل بالدراهم.
والثالث: في نوعه، كما إذا قال: بعتك بقاساني، فقال: بل بنيسابوري، وأمثال ذلك.
والاختلاف في شرط الخيار والأجل يكون من وجهين، كما ذكره الشيخ:
أحدهما: في أصله، بأن يقول أحدهما: تبايعنا بشرط الخيار أو الأجل، فينكر الآخر.
والثاني: في قدره، بأن يقول أحدهما: شرطنا الخيار ثلاثةأيام، والأجل شهراً، فيقول الآخر: بل يومين وعشرة أيام، مثلاً.
وعدول الشيخ عن قوله:"أو قدرها"؛ أعني للثمن والخيار والأجل إلى قوله:"أو قدرهما" لدلالة ذلك على جوا زالتحالف عند الاختلاف في قدر الثمن من طريق الأولى؛ لأن أثر طول الأجل [والخيار] وقصرهما يظهر في الثمن؛ إذ هو يزيد بزيادتهما ويقل بقصرهما، أو لأنّ التثنية لا تعود إلى الخيار والأجل، بل إلى النوعين اللذين ذكرهما، فالأول ما لابدّ منه، وهو الثمن، والثاني ما منه بد، وهو ما يصح اشتراطه من خيار وأجل، والله أعلم.
ولو وقع الاختلاف في انقضاء الأجل، مع الاتفاق على قدره فلا تحالف، والقول قول من عليه الأجل، وحكم المبيع إذا وقع الاختلاف فيه، وكان الثمن معيناً – حكم الثمن، وإن كان في الذمة فينظر: إن وقع الاتفاق على شيء من المبيع، والاختلاف في ضميمةٍ إليه، مثل أن يقول: بعتك هذا العبد بألف، فيقول: بل هو وهذه الجارية بألف – فجيري التحالف أيضاً، صرح به المحاملي، والماوردي، وابن الصباغ، والمتولي، وغيرهم.