ولو أقام كل منهما بينة على ما يقوله لا ينفسخ العقد؛ فباليمين أولى [ألا ينفسخ]، ولأن العقد وقع صحيحاً باتفاقهما؛ فلا ينفسخ إلاَّ بالفسخ، قياساً على سائر العقود.
قال:"فإن رضيا بأحد اليمينين – أي: على البدل بأن يقنع البائع بما قاله المشتري، أو المشتري بما قاله البائع – "أقر العقد"؛ لأن الآخر مقرٌّ بوقوع البيع كذلك، فيجبر عليه إن لم يرض بعد".
قال:"وإن لم يرضيا فسخاً" – أي: بأنفسهما- من غير احتياج إلى إذن الحاكم [فيه]، بعد جريان التحالف عنده؛ إذ هو شرطه؛ لأنه فسخ لاستدراك الظلامة في المبيع، فأشبه الرد بالعيب، وهذا هو الأظهر في الرافعي، والأقيس في "الوسيط" – وقال -: إذ قطعوا بأن البائع يفسخ بإفلاس المشتري، والمرأة تفسخ بإعسار الزوج بالنفقة.
وفي "الشامل": "أن هذا لا يصح؛ لأنا لا نعلم أيّهما يستدرك ظلامته؛ لأن أحدهما ظالم" وهذا منه يدل على أنه لا يشترط على هذا الوجه أن يتوافقا على [هذا] الفسخ، بل أيهما فسخ كفى، كما صرح به البندنيجي، فيكون قول الشيخ "فسخاً" – [أي]: على البدل، وقد وافق الشاشيُّ ابن الصباغ على تضعيف هذا الوجه في "الحلية"، وحمله على حالة اجتماعهما على الفسخ، وكذلك صاحب "الإشراف"، وأورد على نفسه أن الفسخ الواقع منهما لا يختص بحالة التحالف؛ فإنهها لو تقايلا أو الحالة هذه أجاز التقايل، ثم أجاب بأن معناه: أن القاضي لا يدعهما يتنازعان ويتبايعان الحق، بل يقول لهما: إمَّا أن ترضيا بأحد اليمينين، وإمَّا أن أحملكما على الفسخ بالإجبار، ونظيره المُولِي إذا امتنع عن الفيئة أجبره القاضي على الإطلاق.
قال:"وقيل: لا ينفسخ إلا بالحاكم"؛ لأنه فسخٌ مجتهد فيه، فافتقر إلى الحاكم كالفسخ بالعنّة والإعسار.