فنحكم بصحة العقد؛ لأنه إذا سقط تسمية الخمر يبقى قوله: اشتريت، وهو مرتب على إيجاب البائع.
وإن اتفقا على ان لفظ المشتري سبق، فلا يصح العقد؛ لأن قوله: اشتريت، لا يوجب حكماً ما لم يكن معه ذكر ثمن.
وإن اختلفا في السابق منهما فالمسألة على وجهين:
أحدهما: القول قول من يدعي الصحة.
والثاني: القول قول من يدعي الفساد، وهذا فيه نظرٌ؛ لأن التفريع على أن القول قول مدعى الصحية.
وجوابه: أن القائل بهذا القول يوافق مدعي الفساد في هذه الصورة.
وروى القاضي أبو الطيب الخلاف في أصل المسألة وجهين عن حكاية الشيخ أبي علي في "الإفصاح"، ثم قال: وقد نص الشافعي على ما يدل عليهما، وهو إذا ادّعى الكفيل أنه يكفل بشرط الخيار ثلاثاً، وأنكر المكفول له ذلك – فإن فيمن المصدق منهما قولين، والوجهان يجريان فيما لو اختلفا [في التسليم] بعد التفرق: هل فسخ العقد قبله أو تفرقا عن تراض؟
قال:"وإن اختلفا في التسليم، فقال البائع" – أي: لملك نفسه -: لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشتري – أي: لنفسه -: "لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع" – أي: وكان الثمن في الذمة – "أجبر البائع على ظاهر المذهب"؛ لأن العقد يستقر به ويؤمن الانفساخ، والبائع يقدر على التصرف في الثمن قبل قبضه بالحوالة وغيرها، والمشتري لا يقدر على ذلك في المبيع إلاَّ بقبضه، فأجبر البائع عليه؛ ليتساويا فيه، ولأن المبيع معين، والثمن غير معين، وما تعلق بالأعيان احق بالتقديم مما يثبت في الذمم كالرهن في أموال المفلس، وهذا هو الأصح، وبه جزم بعضهم، ووراءه قولان، وآخر مخرج من نصه في الصداق.
فأحد القولين: أنهما يجبران؛ لأنَّ كل واحد منهما قد استحق القبض على صاحبه، فأجبر كل واحد منهما على إياء صاحبه حقَّهُ، فعلى هذا يأمرهما الحاكم