بإحضار المبيع والثمن، إذا أمكن إحضارهام، وسلم لكل منهما ما يستحقه، ولا يبالي بأيهما بدأ، أو يأمرهما أن يسلما ذلك إلى عدل، فيفعل مثل ذلك، وجعلالماوردي الثاني مع الأول قولين، ولم أفهم لهذا الاختلاف معنى، ولا جرم أن حكى عن أبي إسحاق أنهما حالة واحدة، واستضعفه، وقال: الأكثرون على أنهما قولان.
والثاني: لا يجبران، بل أيهما بدأ بالتسليم أجبر الآخر عليهن ويمنعان من التخاصم؛ لأن كل واحد منهما قد وجب عليه حق بإزاء حق له؛ فلم يجبر على إبقاء ما عليه دون ما لَهُ.
والقول المخرّج: أن المشتري يجبر؛ لأن حقه متعين في المبيع، وحق البائع غير متعين في الثمن؛ فيؤمر بالتعيين للتساوي.
أمَّا إذا كان الثمن معيناً، فلا يجيء إلا قول الإجبار وعدمه، صرح به المحاملي والإمام والبغوي وغيرهم. وفي كلام الرافعي ما يدل على انه لا يسقط في هذه الصورة من الأقوال الأربعة إلاَّ المخرج؛ فإنه قال: إذا اكنت الصورة كما ذكرناه يسقط القول الثالث، وإن تبايعا عرضاً بعرض سقط الرابع أيضاً؛ فيبقى قولان.
ولا وجه لما قاله، ثم كلامه فيما إذا تبايعا عرضاً بعرض، إنما يتجه إذا قلنا: لا ثمن إلا النقدين، أما إذا قلنا: الثمن ما اتصل به باء الثَمَيِنَّةَ، فيكون كالنقد نائباً عن الغير [أو للغير في المبيع حق كالمرتهن وغرماء المفلس، فلا يجيء ظاهر المذهب، ولا أنهما لا يجبران.
وقد حكى عن أبي الحسين بن القطان في بيع مال المفلس أنه يجبر المشتري بلا خلاف.
وحكى الماوردي أن قول إجبار البائع يجيء فيه أيضاً عن رأي البغداديين من أصحابنا كما حكاه في كتاب "التفليس".