البدلين موصوفاً وذلك غير جائز، والأول عليه جمهور أصحابنا البغداديين.
قال: وإن كان معيناً. أي: مشاهداص مثل إن قال: أسلمت إليك هذا في كذا من الحنطة ووصفها؛ لم يفتقر إلى ذكر صفته وقدره في أصح القولين، لقوله صلى الله عليه وسلم "مَنْ أَسْلَفَ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" ولم يأمر بذلك في رأس المال، فدل على أنه ليس من شرطه أن يكون معلوم الوزن والكيل؛ ولأنه عوض في عقد فوجب أن يغني مشاهدته عن ضبط أوصافه ومعرفة مقداره كما في بيوع الأعيان.
والقول الثاني: وهو اختيار أبي إسحاق في الشرح: أنه يفتقر؛ لأنه أحد عوضي السلم، فوجب ضبطه بصفاته؛ كالمسلم فهي.
وأيضاً: فإن السلم لا يتم في الحال، وإنما هو عقد منتظر تمامه بتسليم المسلم فيه، وربما ينقطع ويكون رأس المال تالفاً فلا يدري إلى ماذا يرجع به، وعلى هذا قال القاضي أبو الطيب غيره: لا يجوز أن يكون رأس المال إلا ما يجوز السلم فيه، وعلى الأول، لا يشترط ذلك.
وقال الإمام: ليس هذا على الإطلاق، بل الدرة الثمينة إذا عرفا قيمتها وبالغا في وصفها، وجب أن تجوز أن تجعل رأس المال؛ لأن منع السلم فيها مع الإطناب في الوصف سببه عزة الوجود، ولا معنى لاشتراط عموم الوجود في رأس المال، ومحل القولين في الأصل في ذوات الأمثال.
أما إذا كان رأس المال متقوماً موصوفاً وضبط صفاته بالمعاينة، ففي اشتراط معرفة قيمته طريقان:
منهم من طرد القولين أيضاً، والأكثرون قطعوا بصحة السلم، ولا فرق في جريان القولين بين السلم المؤجل والحال.
ومنهم من خصهما بالمؤجل وقطع في الحال: بأن المعاينة كافية كما في البيع.
وفي كتاب ابن كج حكاية طريفة قاطعة في المؤجل بالمنع.
ثم هذا الخلاف فيما إذا تفرقاقبل العلم بما شرطناه، أما إذا علما ذلك قبل التفرق