سفراً؛ لقوله تعالى: - وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]؛ فدل على أنه إذا لم يكن ذا عسرة أنه لا يجب إنظاره، [ويجب عليه القيام به]، ولأن ذلك فائدة الحلول.
وما أطلقه الأصحاب من أن الدين إذا كان حالاًّ فله منعه من السفر حتى يُقْبِضه، أرادوا: برفعه إلى مجلس القاضي ومطالبته به، ومن هذا يظهر أنه ليس له منع المعسر من السفر، إلا أن يكون سفر جهاد على رأي، وقد صرح الرافعي به في السير؛ حيث حكى أن القاضي ابن كجٍّ قال- فيما إذا أراد من عليه دين حال وهو معسر سفر الجهاد-: المذهب أنه ليس له منعه، وأن أبا إسحاق قال: له منعه؛ لأنه يرجو أن يوسر فيؤدي، وفي الجهاد خطر الهلاك، وهذا يدل على أن المنع يكون بغير الحبس عند المنع منه في الدين المؤجل.
فرع: إذا لم يطالبه صاحب الدين الحال به، وهو قادر عليه، هل يجب عليه أداؤه على الفور؟ أو على التراخي؟ قال في "البحر" في آخر كتاب الغصب: يحتمل أن يقال: إن كان وجوبه يرضي المالك فهو على التراخي، ويتعين أداؤه بالمطالبة، أو لخوف منه على ماله فيفوت قضاؤه، وإن كان وجوبه بغير رضا المالك [فالقضاء على الفور؛ لأن صاحبه لم يرض وجوبه في ذمته، وهذا لأنه إذا كان يرضى المالك،] فصاحب الدين مندوب إلى ألا يطالب الدين، ولو كان وجوب القضاء على الفور لكان مندوباً إلى المطالبة؛ ليخرج من عليه الدين من العصيان بتأخير القضاء.
ويحتمل أن يقال: إذا كان الوجوب بغير رضاه ينظر: فإن كان صاحب الحق لا يعلم به كان على الفور، [وإن كان عالماً به، فإن وجب بتعدٍّ منه كان على الفور]، وإن كان بغير تعد فعلى التراخي.
قلت: ومقتضى ما قاله أخيراً أنه يجب عليه عند عدم العلم في صورة غير التعدي أحد أمرين: إما الوفاء، أو إعلامه بالدين.
وقال الإمام في كتاب [الزكاة عند الكلام في أن التمكن شرط الضمان: إن من