للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يحتاج إليها، كذا حكاه القاضي الحسين وغيره، وهذا قد اعترض على قائله بأنه إذا كان عن معاوضة فقد عُرِف له مال؛ فكأنك قد أعدت ذكر المذهب؛ فإنه إذا عرف له مال لا يقبل قوله إلا بالبينة، إن لم يعرف له مال قبل قوله بيمينه.

قلت: يجوز أن يريد هذا القائل المعاوضة التي ليست محضة كالنكاح ونحوه، [وكذا شراء القريب والإجارة]، دون الضمان ونحوه؛ فإن الظاهر أن الإنسان لا يقدم على تملك حق الغير إلا مع قدرته على مقابله؛ لأن الإبقاء واجب عليه حتماً، بخلاف الضمان؛ فإنه قد لا يطالب به فيتساهل فيه لذلك.

وقال الإمام: قد يخطر للفقيه حمل هذا الوجه على دين ثبت عوضاً، وكان ملتزمه يدعي أنه لم يقبض العوض، لا على أنه قبض المعوض، وادعى تلفه، لكنه ضعيف؛ فإنه إذا ثبت الملك في حق المعوض، فالظاهر قبضه، ونحن إنما لا نقبل قول من سبق له يسار بتأويل ادعاء زواله من جهة أن قوله يظهر الحلف، وزوال اليسار ممكن؛ فعدم قبض المبيع بهذه المثابة.

واعلم أن الرافعي سوى في جريان الوجوه الثلاثة الأُوَل [في الحكم والتعليل] بين ما ذكرناه، وبين ما إذا كان مع المحجور عليه مال، وقسم على الغرماء وبقي بعض الدين، وفي جريان الثاني منها في مسألة المحجور نظر؛ فإنه علله بأن الظاهر من حال الحر أنه يملك شيئاً قل أو كثر، وقد عمل هذا الظاهر، وتحقق بما قسم، وليس الظاهر أن الحر يملك مالاً كثيراً، [حتى يقال: يفي منه].

ثم حيث جرى الخلاف فيما ذكره، فيتجه على قياسه أن يجري فيما عرف له مال لا يفي بديونه، وشهدت البينة بتلف ذلك المال، وحينئذ لا ينتفي رفع الخلاف بشهادة تلف المال، إلا بأن يشهد من هو من أهل الخبرة بحاله بتلف جميع أمواله.

ثم على المذهب: إذا قبلنا قوله باليمين، قال الإمام: لست أرى قبول ذلك بداراً، بل يظهر عندي تَأَنْي القاضي في إطلاقه مع البحث الممكن عن أحواله، [والمذهب:

<<  <  ج: ص:  >  >>