قال الرافعي: ولك أن تقول: إن كان التناقض مأخوذاً من تعذر التكليف بالغسل مع القول بعدم البلوغ فنحن لا نعني بلزوم الغسل سوى ما نعنيه بلزوم الوضوء على الصبي إذا أحدث، فبالمعنى الذي أطلقنا ذلك ولا تكليف يطلق هذا، وإن كان غير هذا فلابد من بيانه، والدليل على أن استكمال الخمس عشرة سنة بلوغ في حقها: ما رويناه من الخبر؛ فإن المولود يشمل الذكر والأنثى، وعلى الإنبات: القياس على الرجل.
قال: وبالحيض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاَةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ" يعني: بلغت وقت الحيض، [لا أنه أراد كونها حائضاً؛ لأن الحائض لا تصح صلاتها بحال، ولقوله – عليه السلام- لأسماء بنت أبي بكر:"إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْحَيْضَ] لاَ يَصْلُحُ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا"، وأشار إلى الوجه والكفين.
ووجه الدلالة منهما: تعليق وجوب الستر بالحيض، وذلك تكليف؛ فدل على أنه بلوغ يتعلق به التكليف.
قال: وبالحبل، الحبل على المشهور – علم [على] البلوغ في حق المسلمين والكفار، ووجهه القاضي أبو الطيب بأمرين:
أحدهما: أن الله تعالى أجرى العادة أن المرأة لا تحبل حتى يتقدمها حيض.
والثاني: أن الحمل مخلوق من ماء الرجل وماء المرأة؛ قال الله تعالى:{فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}[الطارق: ٥، ٦] أي: مدفوق، وقال ابن عباس:"إنه اللزج [يخرج] من بين الصلب والترائب" أي: صلب الرجل وترائب المرأة وهي الصدر.
وقيل: موضع القلادة من الصدر.
ويقال: إن العظم والعصب من الرجل، واللحم والدم من المرأة، وقال الله تعالى:{إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ}[الإنسان: ٢] يعني أخلاط.