بستين ألف درهم، فمر عليها عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فقال: ما يسرني أن تكون [لي] بنعلين، ثم رأى علي بن أبي طالب فقال: لِمَ لا تأخذ على يد ابن أخيك؟! اشترى سبخة بستين ألفاً ما يسرني أنها لي بنعلين. فعلم عبد الله بن جعفر بذلك، فلقي الزبير بن العوام، وذكر له الحال، فقال: شاركني فيها، فشاركه، ثم اقبل علي إلى عثمان – رضي الله عنهما – فسأله الحجر على عبد الله، قال عثمان بعد أن بلغه مشاركة الزبير: كيف أحجر على من شريكه الزبير؟! [ذلك أن الزبير] كان معروفاً بالإمساك والاستصلاح؛ فصارت شركته شبهة تنفي استحقاق الحجر.
فكان ذلك منهم – ومن باقي الصحابة [في إمساكهم] – إجماعاً منعقداً على استحقاق الحجر على البالغ، وأن الذي يتعاطاه هو الحاكم، ولأن التبذير معنيّ لو فارق البلوغ منع من دفع المال إليه؛ فإذا طرأ بعده وجب انتزاعه من يده، أصله الجنون.
وقد يستدل لجواز الحجر [عليه] بقوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}[الإسراء: ٢٧] فذم المبذر، فوجب المنع منه، ولا يصح المنع من التبذير وإلا بالحجر.
وبقوله صلى الله عليه وسلم:"خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ"، ولا يصح ذلك إلا بالحجر.
قال: ولا ينظر في ماله غيره، أي: غير الحاكم؛ لأنه حرج ثبت بالحاكم؛ فكان هو الناظر فيه كمال المفلس، هذا هوا لصحيح، ووراءه وجوه:
أحدها – [حكاه] في "الإشراف" -: أنه إذا حجر عليه وله أب أو جد كانت الولاية عليه للأب والجد.
والثاني: أن الحجر لا يفتقر إلى حاكم، بل يعود عليه بنفسه؛ كما لو جن، فعلى هذا يكون الناظر عليه الأب والجد أو الحاكم؟ فيه وجهان كالوجهين