أحدهما: لا يستفيد به جواز التصرف على العموم؛ كالعبد المأذون له في نوع من التجارة لا يصير مأذوناً له في سائر الأنواع.
والثاني: يلي؛ لأن القاضي إذا رأى الرشد فيه حتى أطلق الحجر عنه في نوع وجب عليه إطلاق الحجر عنه على العموم؛ فانطلق على العموم بالإطلاق الخاص، كذا حكاه القاضي الحسين في باب "مداينة العبيد".
فرع: لو بلغ الصبي، ولم يظهر منه ما يخالف الرشد قال الإمام: فالأصح أن [الحجر يطلق] عنه، ولا حاجة إلى إطلاق القاضي، وذكر بعض الأصحاب وجهاً بعيداً [مما حكيناه] في هذا المقام أيضاً: في أن رفع الحجر يتصل بالحكم وإطلاق الحاكم، وهذا بعيد جداًّ، وهو أبعد مما حكيناه فيه إذا بلغ سفيهاً ثم زال السفه واستمر الرشد؛ فإنه قد يظن أن الحجر يثبت بمجتهد فيه وهو السفه؛ فيزيله المجتهد بنظره، وهذا بعيد كل البعد؛ إذ لم يثبت سفه متصل [بزوال الصبا].
هذا آخر كلامه، وقد فهم منه [بعض علماء زماننا أن الحجر ينطلق عن الصبي على الصحيح بمجرد البلوغ، وعد ظهور أم رمنه يخالف] الرشد. وأنه استشكله، وعندي: أن هذا ليس المراد؛ وإنما الإمام – رضي الله عنه – قدم على هذا الفرع ما إذا بلغ سفيهاً ثم رشد: أن الحجر يرتفع عنه بمجرد الرشد على الأصح، ثم فرض هذا الفرع، ومراده حصول الرشد بعد حالة البلوغ التي لم يعرف فيها هل هو رشيد أم سفيه، ويؤيده ما ذكره من بعد كما حكيناه، ثم فحوى كلام الإمام: أنه لو بلغ رشيداً لا يحتاج إلى فك الحاكم وجهاً واحداً، والله أعلم.
وإن فك الحجر عنه، ثم بر، أي: صرف المال في غير وجهه على النعت الذي ذكرناه من قبل.
قال أهل اللغة: التبذير: تفريق المال إسرافاً، ورجل مُبَذِّر وتِبْذَارة.
قال: حجر عليه الحاكم؛ لما روي أن عبد الله بن جعفر ابتاع أرضاً سبخة