وأراد بالأول: أن يصالح على دراهم بأكثر منها، وبدنانير غير مؤجلة، أو بخمر أو خنزير ونحو ذلك. [وبالثاني: أن يصالح زوجته على ألا يطلقها أو لا يتزوج عليها، أو لا يتصرف في المال المصالح به ونحو ذلك].
وقد جاء لفظ الخبر أثراً عن عمر، قيل: وهو المشهور، وإن أكثر أحكام عمر كانت صلحاً.
وقد أجمع المسلمون على جواز الصلح ومشروعيته.
واختلف أصحابنا في أنه رخصة؛ لاستثنائه من [جملة] محظور، أو وهو مندوب إليه؛ لكونه أصلاً بذاته؟ على وجهين:
اختار الأول منهما [ابن] أبي هريرة، وهو ظاهر قول أبي إسحاق المروزي؛ لأنه فرع لأصول يعتبر بها في صحته وفساده، وليس أصلاً بذاته، فصار لاعتباره بغير رخصة [مستثناة] من جملة محظور.
والثاني [قاله] أبو الطيب بن سلمة؛ لأنه أصل بذاته قد جاء الشرع به، وجرى العمل عليه. قال في "الحاوي": وقد أشار إلى القول به أبو حامد.
ولهذا الاختلاف أثران:
أحدهما: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "الصُّلْحُ جَائِزٌ ... " إلى آخره، هل هو مجمل أو عام؟ فمن قال بالأول قال: إنه مجمل، ومن قال بالثاني قال: إنه عام.
والأثر الثاني يأتي في الكتاب.
والذي جزم به الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ: أنه ليس أصلاً بنفسه، وإنما هو فرع لغيره، وسنذكر ما هو فرع له.
قال الشيخ – رحمه الله -: الصلح بيع؛ لوجود معنى البيع فيه. هكذا وجهه الشيخ، رحمه الله.