للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي "النهاية" عكس هذا، وقال: يشترط أن تكون الجوانب الثلاث من البيت لصاحب البيت، وهو محتاج إلى جانب رابع، فأما إذا كان [الكل] للغير، فلا يضع الجذوع قولاً واحداً. ثم قال: ومن أصحابنا من لم يشترط هذا الشرط الأخير.

واعتبر المحاملي والمتولي في "التتمة" مثل ما اعتبر الإمام، وحكى المتولي الوجهين فيما إذا لم يملك إلا جانباً واحداً أو جانبين، والجديد هو القول الأول، والقائلون به حملوا حديث أبي هريرة على الاستحباب، ومنهم من حمله على أن الجار ليس له منع صاحب الحائط من وضع أجذاعه في حائطه، وإن كان الجار يتضرر بذلك في منع ضوئه أو الإشراف عليه. قال في "الاستقصاء": وهو الحقيقة في اللغة: لأن الكناية ترجع إلى أقرب مذكور، ولا نزاع في أنه لو أراد أن يبني على رأس الحائط خصَّا خفيفاً، لم يجز، كما صرح به القاضي أبو الطيب، وكلام ابن الصباغ مشير إليه.

واعلم أن ظاهر كلام الشيخ هنا، مع قوله من بعد: ولا يجوز أن بفتح كوة ... إلى آخره، يفهم أن محل القول القديم في وضع الجذوع فيما إذا لم يحتج إلى فتح شيء في الحائط ليدخل فيه الجذوع، وليس كذلك، بل هو جار في هذه الصورة أيضاً كما صرح به الماوردي وابن الصباغ وغيرهما، وفرقوا بينه وبين فتح الكوة – كما سذنركه – بأن رأس الجذع يسد ما يفتح لأجله ويقوى به الحائط، بخلاف الكوة.

قال: فإن صالحه عن ذلك بشيء جاز إذا كان ذلك معلوماً؛ لأنه بذل مال في مقابلة ما يقصد بالأعواض؛ فصح، كما في بيع الأعيان والمنافع، وهذا من الشيخ تفريع على الجديد، والإشارة بذلك إلى الجذوع وهي الأخشاب؛ لأنها التي يستوفي بها المعقود عليه؛ فاشترط معرفتها؛ كالصبي في الرضاع.

ثم المعرفة تارة تحصل بالمشاهدة، وتارة تحصل بالوصل، مثل: أن يذكر عددها، وطولها، وسمكها، ووزنها – على ما حكاه القاضي أبو الطيب – وموضعها من الحائط، وقدر دخولها فيه، كما قاله الماوردي.

<<  <  ج: ص:  >  >>