وكذلك القاضي الحسين في "تعليقه"، ثم قال: والأولى أن يلفّق بين المعنيين، ويجمع بينهما، ويقال: الحوالة معاوضة تضمنت استيفاء، أو استيفاء بطريق المعاوضة، [كما لو أخذ عوضاً عن ماله في ذمته، يكون معاوضة تتضمن استيفاء، أو استيفاء بطريق المعاوضة].
ويقرب من هذا ما ذهب إليه الغزالي وإمامه وشيخ إمامه، وهو أنها مشتركة بين المعاوضة والاستيفاء، وإنما يقع النظر في تغليب أيهما؛ ولهذا الاختلاف أثر يظهر في الباب – إن شاء الله تعالى.
قال: لا تصح الحوالة إلا برضا المحيل والمحتال.
أما رضا المحيل؛ [فلأن الحق في ذمته مرسل؛ فلا يتعين عليه قضاؤه من محل معين، كما لو طلب منه الوفاء من كيس بعينه.
وأما رضا المحتال: فلأن حقه تعلق بذمة المحيل]؛ فلا يملك نقله إلى ذمة غيره [إلا برضاه،] كما لو تعلق حقه بعين وأراد نقله إلى عين مثلها، مع أن الذمم [غير] متساوية.
وقد خالف أبو ثور في هذا – على ما حكاه الماوردي –وقال: إذا أحيل على مليء وجب القبول؛ لظاهر الخبر.
وتمسك أصحابنا في الرد عليه بقوله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ يَداً وَمقَالاً"، فكان عاماً، وبأن الحقوق التي في الذمم قد تنقل تارة إلى الذمة بالحوالة، وتارة إلى عين بالمعاوضة؛ فلما ثبت أن نقله إلى عين لا يلزم إلا بالرضا، فنقله إلى الذمة أولى؛ لأن بنقله إلى عين أخرى يصل إلى حقه، وبنقله إلى ذمة أخرى لا يصل إليه.
وقالوا: الخبر محمول على الاستحباب؛ لما فيه من الإعانة على قضاء الحق.