وهذا قول القاضي أبي الطيب، وبه جزم الرافعي. وفي "الحاوي": أنه محمول على الإباحة؛ لأنه وارد بعد حظر، وهو نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الدين بالدين.
واعلم أن بعض الشارحين حكى وجهاً: أن الحوالة تصح بدون رضا المحيل، وصور محله بما [إذا قال: أحلتك على نفسي بالدين الذي لك على فلان، فيقول المحتال: قبلت، وأن هذا يتجه] إذا لم يكن على حق المحيل، وصرح بعضهم بأن ذلك تفرعي على جواز الحوالة، [على من لا دين عليه. وما قال فيه نظر؛ لأنها في هذه الحالة ما صحت إلا بمحيل، وهو القائل: أحلتك]؛ [بدليل أن المحتال لابد أن يقول: قبلت، كما قال، وقابلٌ بلا موجب محالٌ، ولا يقال: إن ذلك ليس محالاً]؛ بدليل أن الأب إذا باع مال ولده من نفسه اكتفينا بمجرد الإتيان بأحد شقي العقد على رأي؛ لأنا نقول: ذلك مصور – على ما حكاه الإمام في باب الهبة- بما إذا أتى بلفظ يستقل الابتداء به [مثل أن] يقول: اشتريت أو اتهبت، أما قوله: قبلت البيع أو الهبة، فلا يمكن الاقتصار عليه [بحال].
نعم، في هذه الصورة اتحد المحيل والمحال عليه، ولا بعد في اتحاد العاقد والمعقود عليه؛ ألا ترى أن السيد إذا وكل عبده في بيع نفسه صح؟! ثم على تسليم القول بصحة هذا العقد، وأنه لا محيل فيه؛ بناء على أن المراد بالمحيل: