قال الرافعي: والقياس: أن يجيء في الحوالة به وعليه الخلاف المذكور في الرهن [و] في ضمانه.
الزكاة: هل يصح أن يحيل المالك بها الساعي؟
إن قلنا:[إنها] استيفاء، صحت، وإلا فلا.
قال: ولا تصح إلا على من عليه دين؛ لأنها إذا لم تصح بغير الجنس الذي عليه، فأولى ألا تصح إذا لم يكن عليه حق، كذا قاله القاضي أبو الطيب.
قال: وقيل: تصح على من لا دين عليه برضاه؛ كما يصح أن يصالح عنه، وهذا ما اختاره ابن الحداد في "فروعه" وقال مَنْ شَرَحَها - من القاضي أبي الطيب وغيره -: هو الصحيح عندي.
وقد خرج ابن سريج هذا الخلاف على أن الحوالة بيع أو عقد إرفاق يتضمن الاستيفاء؟
فإن قلنا: بالأول - وهو الصحيح - لم تصح؛ لأن ذلك بيع معدوم.
وإن قلنا بالثاني: صحت؛ فكأنه استوفاه منه وأقرضه له، وعلى ذلك جرى صاحب "التهذيب" والجمهور.
وبناهما غيره - كما حكاه القاضي الحسين - على أن الضمان بشرط براءة الأصيل هل يصح؟ وفيه جوابان لابن سريج أيضاً: فإن جوزناه جوزنا هذه الحوالة، وألا فلا؛ لأنه في الحقيقة تضمين ما في ذمة المحيل بشرط أن تبرأ؛ ولهذا اعتبرنا على قولا لصحة رضاه وجهاً واحداً؛ لأنه لا يصح إلزامه الحق بغير الرضا، وهذا ما صححه الإمام، ثم قال: وليس هو مأخوذ من ذلك؛ بل هو عينه.
فلهذا قطع به الغزالي في "الوسيط".
وهذا البناء إنما يصح إذا قلنا: إن ذمة المحيل تبرأ من الدين المحال به في الحال، كما صار إليه الصيدلاني، وحكاه ابن كج وجهاً، وصححه من شرح "فروع" ابن الحداد -من القاضي أبي الطيب وغره -[وبه جزم ابن الصباغ]،